ازرع حرباً تحصد عنصرية…

جنى غلاييني

بعد اندلاع الحرب الروسيّة على أوكرانيا، شهدت الدول المجاورة لها لجوءاً بأعدادٍ هائلة، ولكن ما لم يكن متوقّعاً أن يشهد العالم على رفض هذه الدول التي تتقاطع حدودها مع أوكرانيا، استقبال بعض الأفارقة والهنود وغيرهم من الفارّين من جحيم الحرب ليلفحهم لهيب العنصرية عبر منع مرورهم كونهم من أصحاب البشرة الداكنة أو السوداء، على الرّغم من البرد القارس والجوع والتعب الشديد الذي تملّك بهم بعد سيرهم على الأقدام لساعات وربما أيام طويلة.

منذ يوم الخميس 24 شباط الماضي، عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، فرّ أكثر من 660 ألف شخص من هذا البلد وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وكان من بينهم آلاف الطلاب من دول متعددة أتوا إلى أوكرانيا للدراسة في جامعاتها. قتل طالبان على الأقل حتى الآن وهما من الجنسيتين الهندية والجزائرية نتيجة قصف روسي في خاركيف، مع فرار أعداد كبيرة منهم باتجاه الحدود الغربية لأوكرانيا. وبعد أيام انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تقارير عن سلوك عنصري من قبل السلطات عند نقاط الدخول إلى البلدان المجاورة.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي هذه تفجّرت براكين غضب مستخدميها، فأشاروا عبر “تويتر” الى تجلّي التمييز العنصري لدى مسؤولين يقفون عند النقاط الحدودية ويُجلون الأوكرانيين قبل اللاجئين الآخرين ويفصلون بين الناس حسب العرق ليقرروا من الذي سيعبر الحدود.

وفي هذا الصدد، انتشرت مقاطع فيديو تزعم أنها تُظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السوداء من دول أفريقية ومن الهند تُركوا عالقين في محطات القطارات الأوكرانية أو مُنعوا من ركوب القطارات، ومجموعات من الطلاب الأفارقة والهنود يتعرضون للتهديد بالبنادق والشاحنات والدفع والضرب على الحدود البولندية.

كما شارك محامي الحقوق المدنية بن كرامب مقطعاً عبر “تويتر” أظهر امرأة سوداء البشرة تحتضن رضيعاً بين حشد من الناس على الحدود البولندية، ويشار في الفيديو الى أنّ السود مُنعوا من المرور والمأوى.

واستنكرت دول أفريقية عدة في مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الفائت ما تردد عن التمييز ضد المواطنين الأفارقة، وقال السفير الكيني لدى الأمم المتحدة مارتن كيماني: “إننا ندين بشدة هذه العنصرية ونعتقد أنها تضر بروح التضامن التي تشتد الحاجة إليها اليوم”. وشدد على وجوب “أن تتوقف إساءة معاملة الشعوب الأفريقية على حدود أوروبا على الفور”. أما سفير الغابون لدى الأمم المتحدة ميشال كزافييه فوصف التقارير العنصرية بأنها “غير مقبولة”، مطالباً بـ “احترام الكرامة والمعاملة العادلة لجميع الأشخاص الذين يعيشون في ظروف قاسية”.

وأعلن الاتحاد الأفريقي في بيان، أن “التقارير التي تفيد باستهداف الأفارقة بمعاملة مختلفة غير مقبولة ستكون عنصرية بشكل صادم وتنتهك القانون الدولي”. وحثّ جميع البلدان على “إظهار التّعاطف والدعم نفسه لجميع الأشخاص الفارين من الحرب بغض النظر عن هويتهم العرقية”.

شارك المقال