“المستقبل”… العصي على “الاقتباس” والالتفاف!

عبد السلام موسى

قال سعد الحريري كلمته، وآثر الصمت على أي كلام، وأنصت له “المستقبليون” في صمته، كما في كلامه، إلا أن البعض يأبى أن يسمع، ويصر على أن يكون ملكياً أكثر من الملك!.

وليس أسوأ من الذين لا يسمعون إلا أولئك الذين لا يريدون أن يسمعوا. وهذا ما ينطبق حرفياً على بعض المتذاكين والمتشاطرين ومحاولي الإلتفاف البائسين، تحديداً على موقف الحريري، الإنتخابي التنظيمي الحزبي، الواضح كعين الشمس.

جمهور “تيار المستقبل” أدرك جيداً وفهم الموقف، و”هضمه” بسرعة، ليس إنصياعاً أو إذعاناً، على الرغم من أن التجارب الحزبية تفرض في بعض المحطات المفصلية قرارت “ملتهبة” قد لا تُرضي القاعدة، إنما إنطلاقاً من إيمانه بحكمة رئيسهم وبصيرته ورؤيته وصبره الذي فاق في السنوات الماضية “صبر أيوب”.

ولاقاهم في ذلك الحريري، وحرر بخطابه التاريخي، وما تلاه من تعاميم تنظيمية صدرت عن قيادة التيار، أي “مستقبلي” إذا كان راغباً في خوض الانتخابات ترشحاً أو مشاركةً، باعتباره حقاً للجميع يأبى الحريري أن يصادره من موقعه كرئيس تيار غني بالديموقراطية واحترام تعدد الآراء وتقدير أصحابها.

لكن…

ثمّة من المتذاكين والمتشاطرين ومحاولي الإلتفاف البائسين من “لم يهضم” كيف أدرك جمهور “تيار المستقبل” موقف رئيسه و”هضمه” بسرعة، وهالهم ذلك حد الاستنفار في تنظيم حملات التشكيك بقرار الحريري، تارةً بأنه استسلام، وطوراً بأنه تسليم البلد لـ”حزب الله” وإيران، في محاولة للتأثير في خيارات جمهوره والتسلق انتخابياً على أكتافهم، وإظهار الحريري في موقع المتخلي الذي تخلى عنهم، بخلاف ما هو الواقع الذي أكدته مشهديات التضامن مع رئيس “المستقبل”، وتحديداً مشهدية 14 شباط 2022 على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

كما لو أن “حليمة رجعت لعادتها القديمة”. ارتاح الحريري منهم ومن رمال السياسة المتحركة، ولم يرتاحوا من وهجه الذي ما زال يعمي بصيرتهم، على الرغم من أنهم، وقبل أن يعلن عن قراره، كانوا لا يأخذون نفساً إلا ويتنطحون فيه للترويج أن الحريري انتهى، وأن تياره بات خارج اللعبة، وأنهم البديل الذي “رح يشيل الزير من البير”، فإذ بــهم، وبعد الإعلان عن قراره، وإخلائه الساحة لهم للتقدم وعرض عضلاتهم في إنقاذ البلد، حائرون، يتساءلون، “بلا الحريري من نكون”، يتباكون ويشكّكون، لعلم في “دموع التماسيح” ينالون فتاتاً من أصوات لن تغطي “عورات أحجامهم” التي “نفخوها” بالمزايدات والعنتريات وبيع اللبنانيين سمكاً في بحر يغرقون فيه.

هؤلاء اليوم، ومن معهم من المدّعين وعلى قاعدة “عند الامتحان يُكرم المرء أو يهان”، مأزومون بفعل قرار الحريري، وما يزيد من أزمتهم أن “أفلامهم محروقة” لدى جمهور “تيار المستقبل” الذي قال كلمته، أن لا صوت يعلو عندهم فوق صوت التضامن مع رئيسهم، وأن التجارب أثبتت أن هؤلاء لا يقتاتون إلا من المزايدة على “الحريرية الوطنية”، وعندما كان يُفترض أن يقفوا معها عندما كانت تتجرع كؤوس السم، وأن يبادلونها العطاء بالعطاء، رموا في آبارها أحجاراً لو نطقت، لأخبرت الجميع بأصل وفصل كل واحد منهم، وفضل الحريري الأب والأبن عليه.

جمهور سعد الحريري و”تيار المستقبل” عصي على الاقتباس والالتفاف، وحسناً يفعل في الثبات خلف رئيسه، وسدّ كل المنافذ على كل الطامحين والطامعين بخلافته وهو حي يرزق، ولسان حاله يخاطب كل من يهمه الأمر بما تقوله الآية الكريمة: “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.

شارك المقال