قاسم سليماني بين الدهشة والدعاية الانتخابية

عالية منصور

بعد انقطاع قسري دام ثلاث سنوات، عاد معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، وهذه المرة بصورة تعكس ما آلت اليه الأوضاع في بيروت وليس ما تعودنا عليه، لا في المعرض ولا في بيروت.

صور ولوحات تمجد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني القاتل المقتول قاسم سليماني، كتب وتذكارات عنه، الى جانب كتب وأعمال لنشر ثقافة ولاية الفقيه.

وان كان البعض استغرب واستهجن ما آلت اليه الأمور في بيروت، لكن الواقع أن الامر أتى في السياق المتوقع للبنان منذ غزوة 7 أيار واستباحة “حزب الله” بيروت والجبل وقتل اللبنانيين وترويعهم، بل وربما منذ لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ملفت هذا الاصرار على استغراب البعض وكأنهم في كل يوم يكتشفون لأول مرة أن “حزب الله” ليس سوى أداة ايرانية، مع أن أمينه العام حسن نصرالله أعلنها مرارا وتكرارا من دون أي خجل أو مراعاة لأي شريك في الوطن، أنه “جندي في ولاية الفقيه”.

ملفت أن من يرى صور القادة الايرانيين وأزلامهم على طريق المطار تعلن للقادمين أن هذه الأرض تابعة لسلطة هؤلاء، يستغرب ان رأى صورهم في معرض الكتاب.

فهل يعلم هؤلاء مثلا أن “حزب الله” أطلق اسم قاتل رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري على أحد الشوارع في ضواحي المدينة؟

ملفت أن من يعتبرون أنفسهم رأس الحربة في مواجهة مشروع ايران في المنطقة كانوا شركاء، ان بعلمهم وارادتهم أو بسبب جهلهم، في تقوية ايران من خلال اصرارهم على خلق معارك هامشية وضعضعة تحالف وطني كان من الممكن أقله أن يخفف من اندفاعة هذه الهيمنة الايرانية ووقاحتها.

غريب أن بعضهم لا يعرف في لبنان أكثر من دائرته الانتخابية، لا يعرف شيئا عن بغداد وكيف صار العراق في زمن فارس. لا يعرف دمشق والمسجد الأموي وحلب وأحياءها. لا يعرف من سوريا سوى بشار الاسد ولم يهتم ليسأل كيف احتلت ايران البلاد عسكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، عله يتعلم.

هذا الاصرار على المفاجأة والاندهاش من كل ما هو متوقع هو الأمر المفاجئ. ألم تتركوا بيروت يوم نهشها الحزب في سبعة أيار؟ ألم تطعنوا أهلها عندما اعتبرتم أنكم غير معنيين بما يحصل، وما عليكم سوى التضامن ببيان؟

ماذا أنتم فاعلون اليوم سوى التعبير عن دهشتكم؟ هل حقا تصدقون أن وضع حد للهيمنة الايرانية سيكون من خلال مقعد نيابي بالزائد هنا أو هناك؟ ألم تحقق 14 اذار أكثرية نيابية أكثر من مرة ومع ذلك لم تستطع أن تحكم في ظل التسويات الاقليمية والدولية وهيمنة السلاح؟ ألم توافقوا على قانون انتخابي جعل أقصى طموحكم وصول نائب شيعي ولو واحد من خارج الثنائية؟

هل حقا يصدق من يظن نفسه “سياسيا” أن ايران ستتخلى عن “حزب الله” كرمى لعيونه أو لأن جو بايدن سيطلب منها ذلك فتقول له “لبيك”؟

أتسأل ان كان بعضهم يقرأ أكثر من تغريداته أو حتى في كتاب هو يملي عليهم ما يقولون؟ ففي وقت تتجه واشنطن الى رفع العقوبات عن مسؤولين ايرانيين متورطين في أعمال ارهابية ارضاء لطهران، ترى البعض يصرح ويحلل عن قرب نهاية المشروع الفارسي في المنطقة.

ايران أعلنتها صراحة أنها تسيطر على أربع عواصم عربية. أعلنت عن مشروعها بالخط الواصل من طهران الى المتوسط. ومقاومة مشروع ايران تبدأ بالاعتراف كيف والى أين وصلت الأمور بنا، أما حالة “الدهشة” الدائمة فلا أظنها تنطلي على أحد، ولكنها قد تنفع قليلا في “الدعاية الانتخابية”.

شارك المقال