القمة العربية… إرجاء الخلافات ولا أمل بالاصلاحات

هيام طوق
هيام طوق

بعدما تأجل انعقادها لمدة عامين بسبب جائحة كورونا، وافق وزراء الخارجية العرب على مقترح جزائري بعقد القمة العربية المقبلة في الأول والثاني من تشرين الثاني المقبل في الجزائر، بعد أن عُقدت القمة الأخيرة في العام 2019 في تونس.

واعتبر وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في العاصمة المصرية القاهرة، في بيان أن “تاريخ القمة تم ترسيمه تزامناً مع الذكرى 68 لاندلاع الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954. لهذا التاريخ رمزية باعتباره تاريخا جامعاً، كرّس التفاف الدول والشعوب العربية وتضامنها مع الثورة الجزائرية”.

وفيما تحدث وزراء الخارجية عن أهمية القمة كموعد “سياسي هامّ في تاريخ الأمة العربية، يُنتظر منه فتح آفاق جديدة للعمل العربي المشترك لتمكين الأمة العربية من إسماع صوتها، والتفاعل والتأثير بصفة إيجابية على مجريات الأمور على الصعيدين الإقليمي والدولي”، شدد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة على أن “يوم القمة يحمل دلالات حول تمسك الدول العربية بقيم النضال المشترك لأجل التحرر، وامتلاك مقومات تقرير مصيرها الموحد، خاصة في خضم التحديات المتزايدة التي تفرضها التوترات الخطيرة والمتسارعة على الساحة الدولية”.

وكان وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب افتتح الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بصفته رئيساً للدورة الحالية، داعياً “الأخوة الزملاء إلى تفهم جوهر التجربة اللبنانية ورسالتها، والنظر الى ما قد يعتريها، كما تنظرون الى ما يعتري تجارب البلدان الأخرى”. وقال: “اليوم، وعلى الرغم مما نحن فيه من انهيار شبه كامل للأوضاع الاقتصادية والمالية، لا نزال مصممين على النهوض مجدداً والمضي قدماً على طريق تحقيق رسالتنا. وما نرجوه من الأشقاء العرب مساندة لبنان في عروبته ووحدته وحفظ رسالته وتجربته، لأن دعمهم ضروري لصون فرادته”.

القمة العربية التي تحمل الرقم 31 وستعقد على مستوى رؤساء الدول، كان من المقرر أن تعقد خلال الشهر الجاري في الجزائر إلا أنها أُرجئت بسبب وباء كوفيد -19 وفق ما أفاد المعنيون، في وقت حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من أن تكون الأزمة الأوكرانية سبباً “في نسيان أو تناسي الأزمات العربية، التي ما زالت مشتعلة”.

وفي ظل هذه المعطيات لا بد من التساؤل: هل جائحة كورونا هي السبب في إرجاء القمة مع العلم أن غالبية القمم والاجتماعات الدولية تعقد في الفترة الأخيرة عبر الفيديو؟ وهل تباين المواقف العربية حول الملفات الأساسية وخاصة قضية مشاركة سوريا وعودتها الى الحضن العربي السبب الأساس في إرجاء القمة الى أواخر السنة الحالية؟ وهل ستكون القمة خطوة أولى لعودة المياه الى مجاريها بين لبنان والدول العربية؟ وكيف يمكن أن تترجم القمة مساندة لبنان في الخروج من أزماته بعد تأكيد الجميع أنه لا يجوز تناسي الأزمات العربية، وبعد مطالبة بو حبيب الأشقاء العرب بدعم لبنان؟

بويز: ارجاء القمة لتفادي الخلاف واتضاح صورة المفاوضات

رأى الوزير السابق فارس بويز أن “الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا لها دور في تأجيل القمة. أرادت الدول العربية عدم إحراج نفسها في اتخاذ موقف مما يحصل لأنه من جهة هناك قضية حق في أوكرانيا ومن جهة أخرى هناك مصالح سياسية كبرى مع روسيا، وهذا سيخلق انقساماً داخل جامعة الدول العربية، ومن أجل تفادي الخلاف تم ارجاء الموعد. ومن العناصر الأخرى التي أدت الى التأجيل، انتظار مصير المفاوضات النووية الحاصلة وعدم التطرق الى هذا الموضوع قبل أن تتضح صورة التفاهمات”.

وأشار الى أن “معظم الدول العربية غير راضية عن التدخل الايراني في المنطقة عامة. وهناك عدد من الدول العربية تحمّل لبنان مسؤولية في هذا الأمر بمعنى أنه بلد حزب الله وأن الدول العربية على خلاف مع الحزب ومع ايران”. وقال: “لا أرى حالياً امكان اصطلاح العلاقة فعلياً مع هذه الدول. العواطف شيئ في السياسة بين الدول والمصالح شيئ آخر. الدول العربية بأكثريتها تعتبر أنها تواجه ايران وحزب الله، وأن الدولة في لبنان خاضعة لسيطرة حزب الله”.

واعتبر أن “المشكلة في العلاقات اللبنانية – العربية عامة والخليجية بشكل خاص هي مشكلة دور وحجم حزب الله وايران في السياسة اللبنانية وفي الحالة اللبنانية، ومن الصعب جداً إصلاح هذه المواضيع من الزاوية اللبنانية فقط، ان لم يحصل شيئ اقليمي أو دولي يعالج الموضوع برمته”.

وأكد أن “كل فريق في القمة له أهدافه الخاصة. هناك فريق يعتبر أن على القمة اتخاذ موقف واضح حيال التدخل الايراني في الشؤون العربية. وخوفاً من عدم التوصل الى تفاهم وشبه اجماع حول هذا الموضوع، تأجل الاجتماع باتجاه قمة لأن القمم فيها سلطات أكبر لرؤساء الدول مما هي لدى وزراء الخارجية”.

شربل: لا آمل خيراً من القمة

تمنى الوزير السابق مروان شربل أن “تتخذ القمة العربية المقبلة قرارات جيدة تتعلق بالقضايا العربية ولكن لسوء الحظ، التجارب السابقة لا تجعلنا نتفاءل كثيراً، ولم تتخذ القمم العربية يوماً، قراراً جامعاً وتم تنفيذه. المشاركون في القمة غير متفقين مثل الحكومة لدينا التي هي نموذج مصغر عن الجامعة العربية”، متسائلاً: “متى اتخذت الجامعة العربية قراراً ونفذته؟”.

واعتبر أن “القمة تأجلت لأسباب عدة، ومنها: الحرب بين روسيا وأوكرانيا وانقسام العرب بين من هم مع روسيا وبين من هم مع أوكرانيا، والاختلاف بين الدول حول مشاركة سوريا في القمة من عدمها. وربما في ما يتعلق بلبنان، يكون هناك إحراج حول قضية استجرار لبنان للكهرباء من مصر والغاز من الأردن وعدم الدخول في سين وجيم”.

وقال: “لسوء الحظ أنا لا أتأمل خيراً من القمة العربية. الخلاف قائم بين الجميع لأن كل دولة لها ارتباطاتها الخارجية. نتمنى ألا تصدق توقعاتنا لكن التجارب لا تبشر بالخير خاصة وأن إرادة غالبية الدول العربية ليست في يدها” .

وأمل أن “تخرج القمة باتفاقيات على الأقل لمساعدة الدول العربية المظلومة والفقيرة”، متسائلاً: “اذا لم يتعاون العرب فعلى من يتكلون؟”. ولفت الى أن “القرارات التي تتخذ في الجامعة العربية مرتبطة بالخارج”.

الامين: تأجيل القمة يعكس عدم التوافق

أعرب الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين عن اعتقاده أن “أحد أسباب تأجيل القمة، هو عدم حسم قضية عودة سوريا الى الجامعة العربية، وهذا الملف كان خلافياً ولا يزال. كما أن التطورات بين روسيا وأوكرانيا واعادة خلط الأوراق على مستوى العالم وانعكاساتها وعدم تبلور موقف عربي موحد حيال هذه الأزمة وتداعياتها على المنطقة، اضافة الى أن انعقاد القمة في الجزائر التي لديها علاقة جيدة نسبياً مع ايران قياساً الى الدول العربية لا سيما أننا على أبواب اتفاق نووي على الرغم من أن الأمور غير واضحة، كلها أسباب مباشرة أدت الى تأجيل القمة. وبالتالي، لا رؤية عربية واضحة المعالم تجاه التعامل مع تحديات المنطقة”.

أضاف: “تأجيل القمة يعكس عدم التوافق، وبالتالي، عدم تبلور رؤية عربية موحدة تجاه قضايا مهمة. أما في الشأن اللبناني، فلا نرى أن هناك نضوجاً لتصور يمكن القول على أساسه ان القمة ستخرج بشيئ ما لأن لا تحضيرات ولا مؤشرات تدل على بلورة خطة عمل عربية موحدة تجاه لبنان. وبالتالي، تأجيل القمة هو تأجيل لكل الاجابات على الأسئلة التي تطرح حالياً”.

شارك المقال