من المسؤول عن تحويل رئاسة الجمهورية إلى “مخبر” ضد الصحافيين؟

ياسين شبلي
ياسين شبلي

وسط المشكلات التي يتخبط فيها الوطن والمواطن، نرى أن المعنيين في رئاسة الجمهورية من مستشارين ومكتب إعلامي وخلافه، لديهم من الوقت الكثير كي يتحولوا إلى “مخبرين” لدى الأجهزة ضد الصحافيين وكتاباتهم التي قد تخطئ وقد تصيب. ومن آخر “مآثرهم”، وعلى طريقة “يا رايح كتر القبايح”، إخبار إلى النيابة العامة التمييزية ضد رئيس تحرير موقع “لبنان الكبير” الصحافي محمد نمر بسبب خبر يرى هؤلاء أنه “مختلق ولا أساس له من الصحة ويندرج في إطار الأكاذيب التي تروجها بشكل متمادٍ جهات في سياق حملات التزوير المنظمة ضد رئاسة الجمهورية والمسؤولين فيها”، بحسب بيان مكتب “الاعلام” في رئاسة الجمهورية. هذا الإخبار الذي أدى إلى إستدعاء الصحافي نمر ليمثل أمام المباحث الجنائية في وزارة العدل يوم الاثنين المقبل.

للوهلة الأولى يظن المرء أنه أمام بيان صادر عن “إعلام حربي” يفند فيه “أكاذيب” عن سير معركة من المعارك بهدف “بث الوهن في نفسية الأمة”، فالتعابير التي استعملت في البيان لا يمكن أن تصدر عن مكتب إعلامي المفروض أنه صورة للعهد وصاحبه من حيث الالتزام بآداب التخاطب بين “السلطات” على إعتبار الصحافة هي السلطة الرابعة في الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها. وبذلك يكون المكتب الاعلامي قد وضع نفسه – أو وُضِع – ومعه موقع رئاسة الجمهورية الذي يجب أن يكون فوق الجميع، موضع الخصم والحكم في الوقت نفسه، في معركة مع الصحافة هي غير موجودة ولا مطلوبة أصلاً، بل يريدها على ما يبدو البعض من “المستشارين” المتلطين خلف موقع الرئاسة، متراساً للتصويب السياسي وتصفية الحسابات السياسية، وهم الذين “تحت باطهم مسلة” على ما يبدو نعرتهم لدى قراءة الخبر بغض النظر عن صحته من عدمها، والخطأ وارد في كل الأحوال ولكن الخطأ – في حال حصل – يجب ألا يعالج بخطيئة، خاصة من قِبل مكتب إعلامي يمثل أعلى سلطة في البلد.

إن هذه التصرفات إن دلت على شيء فإنما تدل على أن صدر هؤلاء الناس بدأ يضيق مع ضيق الوقت المتبقي لهم في السلطة، وعلى عدم كفاءة ومهنية في التعامل مع الإعلام وغيره، وهذا جزء يسير من التصرفات التي تعطينا فكرة عن كيفية إدارة الأمور في المؤسسات والبلد، فإذا كان الوضع على هذا النحو في أعلى مؤسسة في البلد، فكيف والحال هذه تسير الأمور في باقي المؤسسات؟

على أي حال يبقى أن نقول ان التضامن مع حرية الرأي والتعبير اليوم وأمس وغداً هو تضامن مع الذات قبل أن يكون تضامنا مع محمد نمر أو غيره من الصحافيين، ففي بلد إندثرت فيه الكثير من القيم أو تكاد، سنبقى متمسكين بقيم الحرية مهما ضاقت بنا السبل، ومهما حاصرتنا العتمة في هذا الوطن الذي نحب ونعشق، فلا بد لليل أن ينجلي في نهاية المطاف.

في النهاية نقول بأن إستدعاء الصحافيين والكتَّاب يجب أن لا يكون إلا أمام محكمة المطبوعات، وليس أمام أي جهاز أمني، فالرأي أو الخبر لم يكن يوماً جريمة، ولن يكون.

شارك المقال