مواقف السعودية الانسانية: الرابطة وأخواتها

أحمد عدنان
أحمد عدنان

في ٢٢ مارس (آذار) ٢٠٢٢ كتب الأستاذ مشعل السديري مقالة في صحيفة “الشرق الأوسط” عنوانها “مواقف قطر الانسانية” أشاد فيها بقيام دولة قطر ببناء مستوصف الشفاء في منطقة باقشيد الصومالية، مشيراً إلى أنها شيدت أيضاً مراكز صحية نموذجية في مناطق صومالية أخرى.

والحق أن مقالة السديري تستدعي لفت النظر المزمن إلى غياب الاهتمام الاعلامي بإنجازات المملكة العربية السعودية عبر مؤسسات مختلفة في العمل الإغاثي والخيري، ولعل ذلك سببه التزام المملكة بالحديث النبوي الشريف: “سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله… ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”.

ولنضرب المثل بمشاريع “رابطة العالم الاسلامي” في الصومال نفسها، إذ أنفقت الرابطة هناك فقط نحو ١٠٠ مليون ريال، ومن مشاريعها:

– مركز تدريب ومستوصف ومشاريع زراعية لتنمية المكان والانسان في شمال الصومال.

– فتح القنوات المائية التي كانت معطلة لنحو ٤٠ سنة.

– مشروع الحواجز المائية على بعض مجاري السيول والأنهار التي أنقذت حياة الكثيرين.

وبصمات الرابطة انطبعت في أغلب الأرض، إذ إنتشر مرض الغدة الدرقية في إحدى قرى مراكش الفقيرة (قلعة الصراغنة)، فأرسلت الرابطة ٤ قوافل طبية لعلاج ٥٠٠ مريض كلفة علاج الشخص نحو ١٠ آلاف دولار. ولم تقتصر جهود الرابطة على خدمة المسلمين وحدهم، ومن ذلك إرسال قافلتين طبيتين لعلاج المرض نفسه في كمبوديا.

في افريقيا، وفي السنوات الخمس الأخيرة فقط، أجرت الرابطة أكثر من ٢٠٠ ألف عملية جراحية للفقراء من مرضى العيون، وأطلقت برنامجاً طموحاً لمكافحة أمراض العمى، وبنت ٢٨ مستوصفاً، فضلاً عن بناء عشرات المدارس في القارة السمراء. وبالشراكة مع الأمم المتحدة قامت الرابطة بدعم حماية الأطفال في شمال شرقي نيجيريا.

وفي آسيا، بنت الرابطة في باكستان جامعة ومدارس ومستوصفين. وكانت أول جهة اغاثية دولية متكاملة تصل منطقة الزلازل في جزيرة سولاويسي الأندونيسية. كما قدمت الرابطة مساعدات ومشاريع للاجئين السوريين بعشرات الملايين من الريالات في الأردن ولبنان وتركيا، منها مستوصف لخدمة اللاجئين في تركيا، وقدمت عبر “الأونروا” مساعدات تقدر بمليون دولار لدعم برامج التدريب المهني للاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا.

وفي أوروبا، قامت الرابطة بجهود إغاثية في كوسوفو ومقدونيا، وفي البوسنة أسست مركزاً صحياً ضخماً لتصنيع الأطراف الصناعية وتركيبها استفاد منه ضحايا الحرب الأهلية وما زال يقدم خدماته إلى اليوم.

وللرابطة أكثر من ٤٠ دار أيتام حول العالم، منها دور في تايلاند وباكستان والأردن والبوسنة والسودان والصومال وتشاد وكينيا، حتى أن أحد خريجي هذه الدور أصبح وزيراً في دولة جنوب السودان قبل سنوات، بالإضافة إلى الأطباء والمهندسين والطيارين في غير مكان.

إن كل المشاريع السابقة نذكرها على سبيل المثال لا الحصر، ويجدر القول هنا، ان أمين عام الرابطة الدكتور محمد العيسى مثل سياسة المملكة العربية السعودية خير تمثيل في أعمال الرابطة الإنسانية والخيرية والإغاثية، إذ أن هذه الاعمال لم تفرق بين مسلم وغير مسلم، بل كانت الحاجة والعدالة هما المعياران الوحيدان، كانت هكذا سياسة المملكة منذ الأزل، وبالتالي كان هذا نهج الرابطة منذ تاسيسها.

والحقيقة أن الحديث عن انجازات الرابطة بتفصيل سببه المستشار الاعلامي الكفء الأستاذ عبدالله الطياري، الذي يطلع الصحافيين والإعلاميين على مشاريع الرابطة. مع العلم بأن الحديث عن “مركز الملك سلمان للإغاثة” يستحق مبحثاً مستقلاً أكبر وأوسع بكثير من الحديث عن الرابطة، إذ يكفي أنه أنجز منذ تأسيسه ١٩١٩ مشروعاً حول العالم كلفتها قاربت ٦ مليارات ريال.

إن إنجازات “مركز الملك سلمان” و”رابطة العالم الاسلامي” مفخرة لكل سعودي ولكل عربي ولكل مسلم، والتحية واجبة لكل دولة تحاول اللحاق بإنجازات المملكة العربية السعودية إنسانياً وخيرياً وإغاثياً، أو تحاول الاقتداء بها، مع التأكيد على خصلتين سعوديتين حميدتين، الأولى أن العطاء بلا مقابل وبلا أجندة سياسية حقاً، فعلى الرغم من إرهاب ميليشيا “حزب الله – مثلاً – قام “مركز الملك سلمان” و”رابطة العالم الاسلامي” بعمل إغاثي جبار في لبنان في ظل أزمته المعيشية الراهنة وخصوصاً بعد إنفجار مرفأ بيروت. والخصلة الثانية هي أن الخيرات السعودية لا يتبعها مَن ولا أذى ولا استعراض. والله يحب المحسنين.

شارك المقال