هل سيحتل الرئيس القصر مجدداً؟

رامي الريّس

ترتفع المخاطر المحيطة بإجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها بشكل ملحوظ لا سيّما من قبل رئيس الجمهوريّة وفريقه السياسي المدعوم من محور الممانعة. الذريعة المعلنة قد تكون عدم توافر التمويل، ولكن من غير المستبعد إبتداع ذرائع جديدة مع إقتراب الموعد المحدد في الخامس عشر من أيّار.

إن أي تحليل سياسي منطقي وبسيط يفضي إلى الاستنتاج الفوري بأن رئيس الجمهوريّة، وهو لا يزال عمليّاً رئيس “التيّار الوطني الحر” ولم يغادر يوماً موقعه الحزبي إلى موقعه الوطني المفترض، لا يحبّذ إجراء هذه الانتخابات بمعزل عن التصاريح اليوميّة المعلنة التي لا تعدو كونها مخصصة للاستهلاك الشعبي أكثر من كونها مقصودة بالعمق.

من مصلحة رئيس الجمهوريّة ألا يتّم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، خوفاً من خسارة الكتلة النيابيّة الكبيرة التي تمثّل تياره السياسي. وطالما أن إنتخاب الخلف ليس مضموناً في أي تركيبة نيابيّة مستقبليّة، فمن الأفضل الإبقاء على المجلس الراهن أو حتى إدخاله في حالة من الشلل بعد إنتهاء ولايته وعدم تجديدها. يتيح هذا السيناريو للرئيس أن يقول انه لن يسلم البلاد إلى “الفراغ” وسبق له أن قالها في تصريح سابق.

إن تحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال وإنتهاء ولاية المجلس النيابي ربما يفسحان المجال من وجهة نظر بعبدا لإبقاء الرئيس على كرسيّه بعد 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو موعد إنتهاء الولاية الرئاسيّة الذي ينتظره اللبنانيّون بفارغ الصبر. تحت ذريعة ألا يكون هناك فراغ في كل المؤسسات، “يمدّد” الرئيس لنفسه في القصر ويبقى فيه حتى تشاء الأقدار.

في حال حصول ذلك، لن تكون هذه التجربة سوى إعادة ممنتجة لإحتلال العماد ميشال عون نفسه قصر بعبدا بين عامي 1988 و1990، عندما كُلف برئاسة الحكومة الإنتقاليّة بعد إنتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل من دون إنتخاب خلف له. ولم يسأل يومذاك العماد عون عن فقدان حكومته الميثاقيّة بعد دقائق من تشكليها عندما إستقال الضبّاط المسلمون جميعاً من صفوفها.

لقد راوغ عون آنذاك بهدف الوصول إلى الرئاسة، تارة بالترغيب وتارةً أخرى بالترهيب. أشعل حربين مدمرتين محاولاً فرض نفسه كرقم صعب في المعادلة آملاً أن يفضي ذلك إلى إنتخابه، ولم يُحسن قراءة المتغيّرات الإقليميّة، فإنتهى به الأمر في المنفى الفرنسي. رفض إتفاق الطائف لسنواتٍ طويلة، ثم إنتخب على أساسه. وبالمناسبة، هو ذاته كان طعن بشرعيّة المجلس النيابي قبل أن تتحوّل الظروف في إتجاه أن ينتخبه المجلس إيّاه، وطبعاً عندئذٍ لم يعد مطعوناً بشرعيته.

خلاصة القول، إذا لم يُتح لرئيس الجمهوريّة توفير الظروف المؤاتية لإنتخاب خليفته الميمون، ذاك الصهر المسحور به والمسؤول الأوّل عن تدمير عهده (وهذه ليست صدفة بالمناسبة)، فيطفو على السطح خيار بقائه في القصر. ولتتواصل مسيرة التدمير!

شارك المقال