ذات أحد في 13 نيسان

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

13 نيسان 1975. كان يوم أحد على ما أذكر. كنا صغاراً نعيش في الشياح وكان عالمنا حدوده “طريق صيدا القديمة” حيث على المقلب الآخر عين الرمانة، التي أعطت اسمها لبوسطة الحرب الأهلية، التي نقلتنا جميعاً الى عالم جديد، الى حياة محفوفة بالموت اليومي بين متاريس وأزيز رصاص قنص ورشاشات وقصف عشوائي وخطف على الهوية.

كبرنا. كبرت الحرب صارت حروباً. يسار يمين. لبناني فلسطيني. اسلام مسيحية. ماروني ماروني. درزي سني. درزي شيعي. شيعي فلسطيني. شيعي شيعي.

كبرنا وبين الحروب الصغيرة الكثيرة اجتياحات عديدة. العدو الغاشم في الكيان العنيف لا يوفر فرصة لملاحقة الشعب الشريد اللاجئ في الكيان الهجين. لم نكن قد قرأنا بعد عن “اتفاق القاهرة”.

كان العالم ينقسم: شرقية غربية، بمفارقة غريبة أن المسيحيين الموالين للغرب إفتراضاً، جماعة “فرنسا الأم” كانوا في الشرقية، والمسلمين الشرقيين جماعة “الصمود والتصدي” و”الممانعة” و”المقاومة” والاستبداد الشرقي كانوا في الغربية.

كثرت الحروب. كثر الزعماء. وصار لكل زاروب ديك. كبر الديوك وصاروا أمراء حرب. ارتفعت شعارات وسقطت شعارات. صار أمراء الحروب “صانعي سلام”.

كنا نهزأ من “هالكمّ أرزة العاجقة الكون”. خسرنا الكثير من “شادي”. شبان رفاق أصدقاء صاروا صوراً معلقة. والأسماء الحركية إختصرها لقب الموت: الشهيد. ولاحقاً صار هناك الشهيد المظلوم والشهيد الحي.

لم نتقن التاريخ الا لاحقاً، حين ترددت كثيراً “لعنة التاريخ” وحين اقتنعنا أن جغرافيا المأساة مساحتها 10452 كلم2. اكتشفنا أننا “لبنان الكبير” وما زلنا مذهولين إذ أطفأنا شمعته المئة في “جمهورية جهنم”.

13 نيسان 1975…47 عاماً. كم تلك الحرب بعيدة. كم هي تقيم بيننا.

شارك المقال