غزوة “حزب الله” المقاعد الدرزية: فعلاً لا قولاً

عبدالله ملاعب

في الاعلام قال الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله إن هدفه في الانتخابات النيابية المقبلة “إنجاح مرشحينا وإنجاح مرشحي أصدقائنا وحلفائنا”، معتبراً أن “من الطبيعي أن ندعم أصدقاءنا وحلفاءنا”. وفي وقت يصوّب فيه “حزب الله” حملته الاعلامية على “القوات اللبنانية” قائلاً على لسان أمينه العام: “من يتحالف مع القوات إنما يتحالف مع قتلة شهداء كمين الطيونة”، حرّك ماكيناته على الأرض وجنَّد طاقاته في المناطق التي يتقاطع فيها وجمهور الحزب “التقدمي الاشتراكي” لاسقاط مرشحي الحزب واستبدالهم بمرشحي الممانعة الدرزية التي رعاها “حزب الله” منذ نعومة أظفارها ووظَّف طاقاته لجمع شملها.

فقبل أن يجمع السيد نصرالله كلاً من رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في دارته لفرض التحالف بينهما وتنظيم خلافهما تحت عباءته تحضيراً للانتخابات الرئاسية، جمع “حزب الله” كلاً من وئام وهاب وطلال ارسلان وباسيل فارضاً عليهم التحالف معاً في دائرة الشوف – عاليه، لا سيما بعد خلافات نشبت في ربع الساعة الأخير قبل انتهاء مهلة تشكيل اللوائح الانتخابية. “حزب الله” رفع إصبعه الشهير في وجه الثلاثي لخوض الانتخابات معاً، فتشكلت “لائحة الجبل” ببركة الضاحية الجنوبية، والهدف تتويج الممانعة الدرزية بكتلة نيابية قوامها أربعة ممثلين دروز يخوضون البحر مع “حزب الله” الذي عمل عليهم منذ سنوات بشتى الطرق، لاسيما عبر سراياه التي نشطت في السنوات الماضية بغطاء درزي داخلي تضمن أيضاً إقحام رجالات دين عله ينجح في إقناع العشيرة المعروفية العربية، بمشروعه الفارسي اللاعربي. وربما زلة لسان الشيخ نصرالدين الغريب يوم وصف إيران بالجمهورية العربية لا الاسلامية، خير دليل على هذا التوجه.

في العام 2009 شكَّل “حزب الله” كتلة نيابية لأرسلان عرفت بـ “وحدة الجبل”، وضمت اليه ممثلين في دائرة بعبدا الانتخابية وهم ابن “التيار الوطني الحر” ناجي غاريوس، نائب “حزب الله” بلال فرحات وفادي الأعور. وفي العام 2018، شكل “حزب الله” في أوج مساكنته “الوطني الحر” كتلة “ضمانة الجبل” التي تألفت الى جانب أرسلان، من نواب التيار: ماريو عون، فريد البستاني وسيزار أبي خليل. وكانت ساقطة من حيث الميثاقية الدرزية بإعتراف الحزب نفسه.

هذا العام، يريد “حزب الله” أن تكون “الثالثة ثابتة” لخلق كتلة درزية ممانعة حقيقية، تأتي لتتوج خرقه الساحة الدرزية في إنتخابات الشهر المقبل، التي يراها ذات بعد إقليمي، ويخوضها كـ “معركة أوزان تعبّر عن الأوزان السياسية وصورة لبنان التي يريدها اللبنانيون” كما أتى على لسان نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم.

في العام 1992 دخل “حزب الله” السياسة اللبنانية كمقاومة شيعية، أما هذا العام فيريد دخول البرلمان كحالة فارسية عابرة للطوائف والمناطق تأتي في سياق طبيعي قوامه المدّ الفارسي من طهران الى بغداد فدمشق وبيروت، فهي التي ستحدد هوية لبنان الذي إستثمرت فيه إيران كثيراً وجعلته منصة صواريخ. من هنا يتوجب على “حزب الله” خرق كل الساحات “برلمانياً” لاسيما الساحة الدرزية التي بقيت عصيَّة على الخرق.

في التفاصيل، يريد “حزب الله” تشكيل كتلة درزية ممانعة من دائرة البقاع الغربي – راشيا الى دائرة بيروت مروراً بدائرة الشوف – عاليه.

في البقاع الغربي – راشيا تتقاطع مصالح الحزب والنظام السوري في إسقاط مرشح “التقدمي” وائل أبو فاعور، ويُنقل عن أهل المنطقة تلقيهم إتصالات يومية من أتباع النظام السوري وصلت الى درجة التهديد والوعيد بضرب الأرزاق إن لم يكن الصوت التفضيلي لطارق الداوود، الذي أبلغ “حزب الله “عناصر سراياه “المقاومة” في المنطقة، ضرورة تنظيم العمل في البيئتين الدرزية والسنية لمصلحته. وعقد الأمين القطري لحزب “البعث العربي الاشتراكي” في لبنان علي حجازي لقاءات عدة مع “الممانعين” في المنطقة على اختلافهم، من بعثيين وقوميين وديموقراطيين لإيصال رسالة دمشق – الضاحية القائمة على وجوب سحب المقعد الدرزي في المنطقة من المختارة وإلحاقه بكتلة “حزب الله” المقبلة العابرة للطوائف والمناطق.

في عاليه والشوف، يسعى “حزب الله” الى ايصال وهاب. وأشارت معلومات “لبنان الكبير” إلى أن الحزب ينشط على خط تأمين عشرة آلاف صوت لوهاب قوامها حزبيين و”سرايا مقاومة” وقوميين وديموقراطيين وكل من لا يزال يرى في “حزب الله” مقاومة في دائرة الشوف من أبناء الطائفتين الدرزية والشيعية، وجزء من جمهور الحزب في الطائفة السنية التي سيقسم “حزب الله” أصواتها بين وهاب ومرشح سني على لائحة “الجبل”. وفي السياق، لا يزال وهاب الذي أنكر في مقابلته الأخيرة صدور قرار من “حزب الله” بإسقاط “التقدمي”، يوزع المال والمازوت الايراني على الناخبين لجمع أكبر عدد ممكن من الدروز بـ”عضلاته المصطنعة” ويترك الباقي للحزب.

في بيروت، أكدت مصادر مطلعة على حركة “حزب الله” لـ “لبنان الكبير” أن الأخير سيعطي فائض أصواته في دائرة بيروت الثانية لمرشح أرسلان على لائحة الحزب نسيب الجوهري. وبالأرقام سيخصص للأخير ما لا يقل عن خمسة آلاف صوت تفضيلي لاسقاط مرشح “التقدمي” فيصل الصايغ.

في الختام، أمر العمليات صدر، وإن كان “حزب الله” وقياديو الممانعة الدرزية ينكرون في العلن والاعلام قرار الحزب قضم التمثيل التقدمي في المقاعد الدرزية، فإن العمل الفعلي على أرض الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً، وربما كان القيادي غالب أبو زينب الأكثر صراحة والأقل تلوناً في محوره يوم صرّح في أواخر العام 2021 أن “حزب الله” يرى في وليد جنبلاط مسمّماً للبيئة الدرزية ومحرّضاً لها عليه، معلناً الحرب على “التقدمي” والمضي قدماً لتطويق زعامته وإسقاط مرشحيه.

شارك المقال