القدس مسألة سيادة وأكثر

زاهر أبو حمدة

لا أحد يريد الحرب. نفتالي بينيت يعاني داخلياً لا سيما مع اهتزاز الائتلاف الحاكم بعد انشقاق ايديت سليمان وتجميد عمل القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس. وذلك كله مع ضغط سياسي وميداني من بنيامين نتنياهو، وصبيه ايتمار بن غفير. أما المقاومة في غزة، فلا تريد تكرار تجربة أيار 2021 وإعطاء الهبة الشعبية في الضفة والقدس زخماً أكبر لتكون الساحات متشاركة بالفعل وألا يكون القطاع صاحب القرار الأول والأخير نيابة عن بقية المناطق المحتلة. ولذلك أظهرت علانية صاروخ “ستريلا” المضاد للطائرات، في رسالة فهمها بني غانتس وصحبه أن المعركة المقبلة حبلى بالمفاجأت.
أما على المستوى الدولي، فتحرك الأميركيون لاحتواء الوضع قبل أن يتفجر لأن واشنطن والعواصم الغربية لا تريد أن تزيح الصورة عما يحصل في أوكرانيا. والأهم أنها لا تريد إحراجاً في مسألة دعمها للشعب الأوكراني بمواجهة “الاحتلال” الروسي، بينما تدعم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني الأعزل. وكان واضحاً بيان الخارجية الروسية الذي أدان ما تقوم به إسرائيل في القدس، ما يعني أن انعكاس العلاقة المضطربة بين روسيا وإسرائيل بعد وقوف الأخيرة مع حكومة كييف، سيكون في حساب موسكو آجلاً أم عاجلاً.
ولكن وسط كل التهديدات والتحذيرات والإجراءات من الأطراف كافة، يبقى خيار التصعيد العسكري قائماً، لأن ما يحصل في القدس ليس مسألة دينية وحسب، إنما مسألة سيادة على أهم جزء في فلسطين. فسيطرة الاحتلال ومستوطنيه على شرق العاصمة الفلسطينية ولا سيما المسجد الأقصى يعني نهاية المشروعية الفلسطينية وإن كانت إسلامية. معروف أن الدولة العبرية تدعم المستوطنين مالياً وسياسياً، لا بل تخطط لهم. حصل أن سيطر المستوطنون بزعم السياحة أولاً على الحرم الابراهيمي في الخليل ومن ثم مقام يوسف في نابلس، وهكذا يحدث حالياً في الأقصى. وبحجة الحق في الوصول الى السياحة وممارسة الطقوس الدينية أصبح للمستوطنين أربع ساعات يومية صباحاً، وهذا تقسيم زماني للمسجد ولو أنه غير معلن. أما التقسيم المكاني فيحصل عبر حماية الشرطة الاسرائيلية للمستوطنين عند دخولهم الحرم القدسي. وعليه، لا يمكن للاحتلال أن يتنازل عما يفرضه بالقوة داخل المسجد الأقصى وخارجه إلا بالقوة الشعبية أو العسكرية. ولأن السيادة على القدس وفيها لا يمكن أيضاً أن يتنازل عنها الفلسطينيون، فالصدام واقع لا محالة ولو تأخر قليلاً.

شارك المقال