الأداء المريض للتيّار المريض!

رامي الريّس

مع الانسداد التدريجي لمعظم المنافذ المتصلة بالرغبة الدفينة في “تطيير” الانتخابات النيابيّة عند بعض القوى السياسيّة بسبب تراجع شعبيّتها وتزايد شعبويتها؛ تبحث قوى “التطيير” عن مسالك أخرى تريد من خلالها ضرب صحة التمثيل والذهاب نحو وضع العراقيل أمام العمليّة الإنتخابيّة أملاً في تعديل النتائج وتغيير مسارها.

التلاعب المفضوح في تنظيم العمليّة الإنتخابيّة في الإغتراب يعكس مرة جديدة غياب الحد الأدنى من الثقافة السياسيّة وإحترام الديموقراطيّة خوفاً من النتائج المرتقبة التي قد تعكس تراجعاً جماهيريّاً كبيراً لتيّار العهد بمختلف إمتداداته، لا بل هو يعكس فجوراً سياسيّاً يرتكز على قاعدة صارت معتمدة في معظم الوزارات وهي الاستباحة الكاملة لمؤسسات الدولة وتطويعها خدمة لمصلحة الفريق السياسي وبالتالي تدجينها بالكامل.

لم تغب التأثيرات السياسيّة يوماً عن إدارة الشأن العام في الوزارات والمؤسسات العامة والمجالس والصناديق التي بات يتطلب وجودها إعادة نظر شاملة من منطلقات وظيفيّة وماليّة. ولطالما كان النظام الطائفي والمذهبي في لبنان يؤدّي إلى تدخلات عميقة في عمل الهيئات الرسميّة والحكوميّة. ولكن كانت هناك دائماً تجارب ماضية إستطاع من خلالها بعض الوزراء ممارسة عملهم الوزاري بما يخدم اللبنانيين جميعاً من دون تفرقة أو تمييز، فقدموا مثالاً حيّاً عن إمكانيّة أن تقوم الدولة بواجباتها تجاه مواطنيها بمعزل عن السياسات الضيّقة.

ولكن ما حصل ويحصل منذ دخول تيّار العهد إلى السلطة هو أن ثمّة إستباحة كاملة للوزارات من خلال زرع المستشارين وتقوية أدوراهم على موظفي الملاك، وجعل سياسات الوزارة تتلاءم مع الطرح السياسي للتيار وليس مع مقتضيات المصلحة العامة. من أبرز الأمثلة على ذلك وزارة الطاقة والمياه التي إستبيحت بالكامل وتحوّلت خططها إلى ما يتلاءم مع رؤية التيار. معمل سلعاتا من أبرز الأمثلة على ذلك. ليس ثمة جدوى علميّة أو إقتصاديّة أو هندسيّة من المشروع ولكنه مفيد للخطاب الشعبوي المريض والأداء المريض الذي يتبناه التيار المريض.

إن الإمعان في تخريب مقتضيات العمليّة الانتخابيّة في الإغتراب بعد محاولة ضربها في المجلس الدستوري من خلال بدع لا قيمة لها (كإقتراح النواب الستة على سبيل المثال)، هو بمثابة جريمة مكتملة الأوصاف بحق المغتربين اللبنانيين الذين يحق لهم المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري والديموقراطي الهام، ويحق لهم التعبير عن رأيهم السياسي مهما كان.

مهما حاول المراقب أن يبحث عن إنجاز ما لتيار العهد في وزارة ما أو إدارة ما وصولاً إلى الرئاسة الأولى، فلن يُوّفق. إنه كالبحث عن إبرة في كومة قش. ليس هناك من إنجاز واحد يمكن تسجيله، وليس هناك من مشروع واحد يمكن للعهد وتياره وفريقه السياسي أن يفاخر به.

أما نغمة “ما خلونا” و”ما خلوكم” فهي أسخف من أن تستحق التعليق والنقاش!.

شارك المقال