الشوف – عاليه: أم المعارك بالأرقام… والمال الانتخابي “شغال”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

أم المعارك الانتخابية ستكون في دائرة الشوف – عاليه، حيث يسعى “حزب الله” مع مرجعيته الإيرانية وحليفه السوري الى ضرب الزعامة الجنبلاطية عبر خوض حرب إلغاء جرت ممارستها في السابق ولم تحقق نجاحاً، وقد تكون الانتخابات الحالية إختباراً جديداً لعدم قدرة أحد على إلغاء أحد في لبنان، سواء استقوى بالسلاح أم بالخارج. وعلى هذا الأساس ستكون المعركة الانتخابية في هذه الدائرة من أقسى المعارك كونها ستحدد خيارات وتوجهات مستقبلية.

ويجري الحديث بحسب دراسات إحصائية عن امكان تحقيق “قوى التغيير” الخرق بنائبين، أحدهما في الشوف والآخر في عاليه، علماً أن المنافسة الانتخابية تجري في هذه الدائرة بين 7 لوائح: لائحة “الشراكة والارادة” وتضم مرشحي التحالف الجنبلاطي – القواتي – “الأحرار”. لائحة “الجبل” التي يتزعمها النائب طلال أرسلان مع وئام وهاب و”التيار الوطني الحر”. وعلى جبهة المعارضة هناك 5 لوائح أبرزها “توحدنا للتغيير” صاحبة الحظ الأوفر في خرق اللائحتين الأساسيتين المتنافستين، ولائحة “سيادة وطن” التي ضمت مرشحين سياديين يحمّلون “حزب الله” بالمباشر مسؤولية ما وصلت اليه البلاد، ولائحة “صوتك ثورة” التي شكلت كرد فعل على التحالفات التي جمعت “توحدنا للتغيير”، ولائحة “الجبل ينتفض” التي ضمت ناشطين مدنيين اضافة الى لائحة “قادرين” التي شكلها الوزير السابق شربل نحاس.

وفي التوقعات قد تفوز لائحة “الشراكة والارادة” بسبعة مقاعد، مقابل خمسة للائحة “الجبل” المقابلة، مع خرق بمقعد لصالح “توحدنا التغيير” إن لم تحصل مفاجآت.

وبحسب متابعين للوضع الانتخابي فإن الحاصل للائحة “الشراكة والارادة” قد يتجاوز السبعة نواب خصوصاً وأن اللائحة متنوعة التمثيل من “التقدمي” و”القوات” و”الأحرار” والمستقلين مثل سعد الدين الخطيب المرشح عن المقعد السني من بلدة برجا في الاقليم. واستناداً الى أرقام انتخابات العام 2018 فهذه اللائحة الجنبلاطية التي تحالفت مع “القوات” و”المستقبل” حصلت تقريباً على 98 ألف صوت، لكن اليوم خرج منها كل من “المستقبل” الذي حصل على 15 ألف صوت، وناجي البستاني الذي حاز على 5 آلاف صوت، ودعم “الجماعة الاسلامية” الذي كان يقدر في ذلك الوقت بحوالي 1500 صوت. اما اليوم وبعد خروج حوالي 22 ألف صوت منها فمن المتوقع أن يكون حاصلها حوالي 76 ألف صوت، ومن الواضح أنها قد تحصل على 3 مقاعد في عاليه و4 مقاعد في الشوف، الثلاثة في عاليه شبه مضمونين لأكرم شهيب ونزيه متى من “القوات” وراجي السعد. اما في الشوف فالواضح أن المعركة بين 6 أسماء للحصول على 4 مقاعد من بينها مقعدان مضمونان للنائبين جورج عدوان وتيمور جنبلاط، وهنا فان جنبلاط في مأزق كبير لناحية ضمان المقعد الدرزي الثاني لصالح مروان حمادة في مواجهة وئام وهاب الذي حصل في انتخابات 2018 على حوالي 7500 صوت مقابل 7800 صوت حصل عليها حمادة، فان استطاع وهاب في لائحة “الجبل” ضمان الحصول على عدد أكبر من الأصوات يتمكن حينها من خرق الصوت الدرزي. من هنا يحاول جنبلاط أن يوزع الأصوات التي كان يقدمها لنعمة طعمة على 3 مرشحين اشتراكيين في الشوف من حبوبة عون وبلال عبدالله ومروان حمادة. الأصوات التي كان ينالها طعمة تقدر بـ 7500 في انتخابات 2018، فاذا افترضنا أن جنبلاط سيعطي 3500 صوت لحمادة ليصبح عدد أصواته حوالي 11 ألف صوت عندها سيضمن الصوت الدرزي الثاني الى جانب تيمور. وبالنسبة الى بلال عبد الله فحصل في العام 2018 على 8000 صوت ونال ألف صوت من برجا وقد تذهب الآن الى المرشح سعد الدين الخطيب بطلب من جنبلاط، ساعتئذ سينزل عدد ناخبي عبد الله الى 7000 صوت، فاذا أخذ 1000 من أصوات طعمة عندها يضمن الفوز ويبقى من أصوات طعمة في هذه الحالة 3000 صوت تقدم الى حبوبة عون لأن فوزها في موقع خطر. من هنا فان الحواصل الأربعة التي سيأخذها جنبلاط في هذه الحالة هي لتيمور وحمادة وعبد الله وعدوان اضافة الى الثلاثة المذكورين في عاليه ويكون الفوز بسبعة نواب.

اما بالنسبة الى لائحة أرسلان المتحالف مع وهاب و”التيار الوطني الحر”، فالمعروف أن المقعد الدرزي الثاني تركه جنبلاط فارغاً له كما جرت العادة، وهنا سيخوض المرشح مارك ضو من لائحة “توحدنا للتغيير” معركة ليست سهلة، وحسب توقعات المتابعين فانه حتى يتخطى أرقام أرسلان يجب أن يحصل على حوالي 7000 صوت، وقد يضمن أرسلان مقعده اضافة الى ضمان مقعد سيزار أبي خليل عن “التيار الوطني الحر” وحاصله قد يكون بحدود 8000 صوت في عاليه. اما في الشوف فهناك امكان للحصول على 4 حواصل استناداً الى أرقام العام 2018، غسان عطا الله الذي حصل سابقاً على 4500 صوت فوزه شبه مضمون لا سيما بعد تنحي ماريو عون، اذ ستقسم أصوات الأخير أي 5000 بين عطا الله والمرشح فريد البستاني، الذي يتنافس مع ناجي البستاني.

وعن وضع لائحة “توحدنا للتغيير”، يشير المتابعون الى أنه “من أصل 12 مرشحاً لديها 5 مرشحين حصلوا في انتخابات 2018 على 3000 صوت، والمطلوب من بقية المرشحين في اللائحة تأمين 8000 صوت، وفي حال تأمنت وهو أمر غير مستبعد من المفترض حصولها على حاصلين لمرشحين ماروني وسني أي أن المنافسة بين غادة عيد ونجاة صليبا من جهة، وبين حليمة القعقور وعماد سيف الدين من جهة ثانية”.

أما لائحة “صوتك ثورة” فيلفت المتابعون الى حيثية فيها هو المرشح محمد سامي الحجار الذي حصل في انتخابات 2018 على 1300 صوت وبقية المرشحين لا حيثية لهم، ولا يتوقع أن تتجاوز أصواته في هذه الانتخابات 2200 صوت، وستبقى هذه اللائحة خارج المعادلات والحسابات والصراع الانتخابي، وكذلك حال لائحة “قادرين” التي شكلها شربل نحاس ولا تعمل بين الناخبين كما هو ظاهر على الأرض. اما لائحة “الجبل ينتفض” فهي أيضاً لائحة غير مكتملة مثل لائحة “قادرين” وتفتقر الى مرشحي السنة وغير قادرة على تأمين حواصل وبالتالي فهي خارج المنافسة.

ماذا على أرض الواقع والمزاج الشعبي؟ بحسب المتابعين فإن “الحيرة تطبع الواقع في معظم القرى الشوفية، لا سيما في الاقليم، حيث هناك 15 بلدة أكبرهما برجا وشحيم، ويصل عدد ناخبيهما الى 33 ألفاً، ومثلاً اذا وصلت نسبة الاقتراع فيهما الى 50 بالمئة فيعني أن هناك حوالي 16 ألف مقترع، لكنهم غير متحدين لا سيما مع مقاطعة تيار المستقبل وغياب سعد الحريري عن الواجهة الانتخابية، وجمهوره غير المتحمس، ولذلك ستقسم أصوات السنة على اللوائح، فالقاعدة السنية لا تعرف اليوم كيف ستنتخب، أي هناك 15 ألف صوت ضائعة، وهي للأسف تنتظر لتعرف أين ستذهب”.

وسط هذه الحال يطرح السؤال عن دور المال الانتخابي، ويؤكد المتابعون أنه “كبير لا سيما من قبل وهاب وفريد البستاني وهناك ماكينات انتخابية شكلت برشاوى مالية علناً، فوهاب يدفع مئة دولار للمندوب والبستاني 150. عملية شراء الأصوات قائمة حتى أن وهاب نظم افطاراً للمندوبين ولديه في برجا مثلاً أكثر من 300 مندوب كما يحكى اليوم، وللبستاني 150 مندوباً، وهذه ظاهرة مستجدة في المجتمع البرجاوي، أي أن هناك حوالي 600 أو 700 مندوب للائحة الجبل من المقترعين. هناك شراء أصوات وبشكل مستفز. يحاولون اختراق مناطق وقرى عن طريق المال وشراء أصوات في مناطقنا وبطريقة وقحة والناس متروكة لمصيرها وبعضهم قد يضطر لبيع صوته بسبب فقر الحال”.

من هذه الصورة للأجواء الانتخابية لا يبدو أن آمال التغيير تنحو نحو المنحى الايجابي، ولكن يمكن أن يكون هناك بعض التفاؤل بتحسن الأرقام. لكن لائحة “توحدنا للتغيير” تفتقد للدعم المالي وتموّل حملتها من مال المرشحين الخاص وهو قليل ولا يلبي الحاجة.

شارك المقال