تعبئة مازوت ودفع فواتير كهرباء ومنح جامعية… المرشحون يتفنّنون بالرشاوى في البقاع!

راما الجراح

تأزُم الأوضاع الاقتصادية فتح أمام جميع المرشحين أبواب الرشاوى الانتخابية بمختلف أشكالها. و”نقَش” هذا الوضع مع المرشحين الذين اعتبروه فرصة ذهبية لا تتكرر في كل استحقاق و”الشاطر” يغتنمه، لتقديم إغراءات وعروض على الناخبين لضمان التصويت لهم.

اعتدنا جميعاً على الرشوة المادية أيام الانتخابات، وذلك من خلال وعود يقطعها المرشح على مجموعة من الناخبين بإعطائهم مبلغ معين مقابل أصواتهم في صناديق الاقتراع، وهذا ما كان يحصل فعلاً، ومن الصعب كشف الرشاوى النقدية، لكونها لا تحصل علناً. لكن هذا الاستحقاق النيابي لا يشبه أي استحقاق سابق، فالأوضاع المعيشية اختلفت بشكل كبير، وفواتير الكهرباء، والماء، والإنترنت، ارتفعت بشكل جنوني عما كانت عليه عام ٢٠١٨، وأسعار المواد الغذائية على أنواعها اختلفت وارتفعت بشكل حرم أكثر من ٥٠٪ من سكان لبنان من شرائها بالطريقة التي اعتادوا عليها، إلى غيرها من الصعوبات التي نتجت عن سوء إدارة البلاد وفساد المسؤولين وانهيار العملة الوطنية مقابل الدولار الذي يستمر حتى اليوم بالارتفاع وفي حالة عدم استقرار دائمة.

بعد كل هذه الأزمات التي تعصف بالشعب اللبناني، تفنّن المرشحون بأساليبهم، وطُبع “Menu” خاص لشراء الذمم، واستغلال الأوضاع الصعبة، التي بسببها لم يعد الشعب قادرا على رفض أي رشوة يُمكن أن تسنده في ضيقته، بعد فقدان الأمل بأي تغيير يمكن أن يحصل في هذا البلد.

من الناحية القانونية، قال المحامي محمد الرحيمي أن “القانون اللبناني عرّف الرشوة الانتخابية في المادتين 62 و65 من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب على أنها صرف الالتزامات والنفقات التي تتضمن تقديم خدمات أو دفع مبالغ للناخبين من قبل المرشحين، ومنها التقديمات والمساعدات العينية والنقدية إلى الأفراد والجمعيات الخيرية والاجتماعية والثقافية أو العائلية أو الدينية أو سواها أو النوادي الرياضية وجميع المؤسسات الرسمية”.

وأضاف لـ”لبنان الكبير”: “في الفقرة الثانية من المادة 63 استُثينت بعض التقديمات والنفقات من المحظورات، إذا كانت مقدمة من مرشحين أو مؤسسات يملكها أو يديرها مرشحون أو أحزاب درجوا على تقديمها بذات الحجم والكمية بصورة اعتيادية ومنتظمة، منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء فترة الحملة الانتخابية، وبهذه الطريقة نرى أن القانون يُعرف الرشوة ويحاسب عليها ويعفو عن فاعليها في الوقت عينه مما يشكل التباساً وموضوعاً يفتح جدلاً طويلا”.

واعتبر رحيمي أن “القانون يلتف ويُشرّع بطريقة غير مباشرة للمرشحين الرشوة الانتخابية، وهذه ثغرة كبيرة من ثغر القانون التي تحتاج إلى تعديل جذري، وهنا تناقض في هذه النقطة، وبرأيي لا يجب اعطاء الفرصة لأي جمعية أو مؤسسة تابعة لأي مرشح بتقديم مساعدات خلال فترة الاستحقاق الانتخابي بشكل نهائي وإلا يتم اعتبارها رشوة انتخابية بامتياز “وعلى عينك يا تاجر”، متمنياً على “هيئة الإشراف على الانتخابات ملاحقة من يلجؤون للرشاوى الانتخابية، على أن تطال العقوبة الراشي والمرتشي على حد سواء”.

وأكد تقرير لـ”الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات”، صدر قبل شهر، بالتعاون مع مؤسسة “مهارات”، “انتشار عملية شراء الأصوات التي تندرج تحت إطار المساعدات العينية والنقدية التي ازدادت بكثرة على كافة الأراضي اللبنانية قبيل انتخابات 2022”.

وأشار التقرير إلى العوامل التي تزيد القلق على سلامة الانتخابات، وأبرزها “الغياب التام للدولة، وعدم قيامها بواجباتها الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما من شأنه أن يعزّز الولاء للزعماء والنافذين مالياً وسياساً، باعتبار أنهم يقومون بمهام مؤسسات الدولة الرعائية”. وأكدت الجمعية أنه “مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، ينشط المال السياسي بهدف تأمين الفوز من خلال تقديم الولاء والامتنان عبر صناديق الاقتراع”.

وتحدثت العديد من العوائل لـ” لبنان الكبير” أن “جميع المرشحين في منطقة البقاع يقومون بإغراء الناس لكسب أصواتهم من خلال تقديم خدمات لهم، وقد تنوعت بين تعبئة خزان مازوت لفصل الشتاء المقبل، وهو عرض “محرز” بسبب غلاء المحروقات بشكل مُخيف، ومنهم مَن تعهد دفع فواتير الكهرباء لعدد من البيوت لمدة ٦ أشهر، وهذا العرض أيضاً لا يُفوّت اليوم بعد أن أصبحت فواتير الكهرباء في البقاع لا تقل عن مليون ليرة شهرياً بين كهرباء لبنان وزحلة، بالإضافة الى مِنح دراسية تصل إلى ٧٠٪ في المدارس و٥٠٪ في المرحلة الجامعية، وجميع هذه الأساليب ليست علنية وتمر مرور الكرام من دون أي حسيب أو رقيب”.

شارك المقال