في وداع خليفة بن زايد

أحمد عدنان
أحمد عدنان

غادرنا الشيخ خليفة بن زايد – رحمه الله واسكنه فسيح جناته – وآثاره تشهد له: دولة راسخة ومستقرة وآمنة ومزدهرة، وسمعة عطرة داخل بلاده وخارجها.

سيكتب التاريخ اسم الشيخ خليفة بحروف من ذهب، تقديرا لجهوده في وحدة الصفوف الخليجية والعربية والإسلامية، إذ سيقول التاريخ أن دولة حلت فيها كارثة إنسانية فهب خليفة وأعانها، ووقعت الفتنة هناك فبادر خليفة وأطفأها، وسيقول أن خليفة قابل المظالم بالعدل، وقابل التحديات بالشجاعة، وقابل المعضلات بالتدبير والحكمة، وقابل الحاجات بالكرم وبالسخاء، وسيقول أن الإمارات في عهده على خطى زايد: نجاح وصدارة وأمان واستقرار وازدهار. لقد تسلم خليفة دولة ذات موقع راق على مستوى العالم، فحافظ على المكتسبات والمنجزات ووسعها وطورها.
سيتبوأ الشيخ خليفة مقاما رفيعا أقله بين قادة الشرق الاوسط، لما حباه الله من شمائل فاضلة وخصال حميدة، ولما اتخذه من قرارات تاريخية صبت لرفعة بلاده وشعبه وخدمة أمته ودينه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : ادخال الانتخاب الى المجلس الوطني الاماراتي (السلطة التشريعية) بدءا من عام 2006.

امتاز الشيخ خليفة بأخلاق نبيلة جعلت له في قلوب الناس مكانة ومقاما، وكل مواقفه وتصريحاته تشهد على ذلك، وهذا ليس غريبا على أبناء زايد، وليس مستغربا من واحة الإمارات، ومنها إيمانه بمبدأ “العمل في صمت” او “الكلام بالأفعال”، لذلك حين أعطت يمناه لم تعلم يسراه، تطبيقا للتوجيه النبوي الكريم.

وتحلى الشيخ خليفة بصفات صاحب القرار، فلم يتردد ولم يتسرع ولم ينفعل، والأهم من ذلك لم يتهيب من القرارات الحاسمة والصعبة ما دامت في سبيل المصلحة العامة، فهو رجل دولة من طراز نادر، إذ أكمل مسيرة والده – طيب الله ثراه – في إرساء دولة المؤسسات وتكريس سيادة القانون، فأصبحت الدولة الإماراتية قدوة للقاصي والداني، ومقصدا من صناع الأحلام وطلابها، وملاذا لكل ضعيف ومظلوم، وسندا لكل شريف وشجاع وفارس، وقلعة للاعتدال والتحضر، والاجمل انها من أسخى دول العالم في المساعدات الإنسانية. وكان للبنان نصيب طيب من هذه المساعدات والهبات، منها على سبيل المثال لا الحصر:

– إنشاء مستشفى خليفة بن زايد في شبعا.
– هبة مكونة من 4 طائرات بوما اس اي 330 و3 طائرات بوما اس ام 33.
– تدشين مسرح الجريمة التشبيهي الذي تم انشاؤه بهبة من الامارات في مجمع قوى الامن الداخلي من ضمن مشروع التضامن اللبناني المتمثل في انشاء 13 مبنى فصيلة لقوى الامن الداخلي موزعة بين جميع الاراضي اللبنانية ومركز طبي تخصصي مكون من 10 طوابق في ثكنة الحلو ببيروت.
– تدشين مبنى فصيلة درك قرطبا الاقليمية النموذجية لقوى الامن الداخلي.
– تدشين اول مبنى لفصيلة اقليمية نموذجية / فصيلة بعلبك.
– تدشين المختبر الجنائي المركزي التابع لقسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية الذي تم اعادة تجهيزه وترميم مبناه بدعم وتمويل الامارات.
– تدشين نادي الجيش اللبناني للرماية في مجمع العماد اميل لحود الرياضي العسكري في المركز العالي للرياضة العسكرية الدكوانة – مار روكز والذي تم تجهيزه بمساهمة مادية أساسية من قِبل الامارات وفق المواصفات والمعايير الدولية.
– إفتتاح مبنى “المعين للدعم والتمكين” المخصص لتحسين وتطوير قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين ودمجهم في المجتمع، والممول من قبل هيئة الهلال الأحمر الامارات، والتابع لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان دار الأيتام الاسلامية وذلك في ساحة الامام علي بمنطقة الطريق الجديدة في بيروت.

قال الرسول الكريم: “أنتم شهود الله في أرضه”، وهذا الحديث النبوي النفيس، نقرأ به محبة الناس للشيخ الراحل ومحبته للناس، فمنذ شاع خبر وفاته لا يتحدث الاماراتيون والعرب سوى عن طيبة خليفة وحزمه وكرمه وعدله وإخلاصه للبلاد وللعباد، ومثل هذا لا عجب في ان يحب الناس وان يحبه الناس.
أسأل الله عز وجل ان ينعم على عبده خليفة بن زايد بالرحمات والغفران والرضوان وبواسع الجنات. إنا لله وإنا إليه راجعون.

شارك المقال