نائب رئيس المجلس… مخاض أول أمام النواب الجدد

صلاح تقي الدين

أما وقد طويت صفحة الانتخابات النيابية، تتحوّل الأنظار اليوم إلى الحادي والعشرين من أيار الجاري موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي وتحوّل الحكومة بموجب المادة 32 من الدستور إلى حكومة تصريف أعمال، بانتظار دعوة رئيس السن بين النواب المنتخبين إلى جلسة لانتخاب هيئة مكتب المجلس الجديد بمن فيهم الرئيس ونائبه.

لا شك أن المفاجآت المدوية التي أسفرت عنها الانتخابات النيابية، ستشكّل التحدي الأول والأكبر في تحديد مصير الرئاسة الثانية، وإن كانت من حيث الشكل والمضمون معقودة اللواء للرئيس نبيه بري لعدم وجود شخصية شيعية من خارج تكتل “الثنائي الشعي”، وبالتالي ترشحّه منفرداً إلى الرئاسة الثانية.

غير أن التعقيدات التي ستبرز ستكون بالتأكيد حول هوية نائب رئيس المجلس، مع الخسارة المدوية للنائب ايلي الفرزلي في الانتخابات وبالتالي خسارة مقعده ونيابة الرئاسة، ولوجود شخصيات عديدة قد تفرض نفسها كمرشحة طبيعية لخلافته.

بالنسبة الى “القوات اللبنانية” التي حققت نتائج إيجابية في الانتخابات، قد تبادر إلى طرح ترشيح النائب المنتخب حديثاً عن دائرة بيروت الأولى، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لهذا المنصب، على الرغم من العلم المسبق بمعارضة نواب “الثنائي الشيعي”، ونواب “التيار الوطني الحر”، إلى جانب نائبي “المردة” ونائبي “الطاشناق” هذا الترشيح، ما يشكّل أول مواجهة بين “القوات” وبقية الفرقاء السياسيين، خصوصاً وأن رئيس “القوات” سمير جعجع أعلن معارضته إعادة انتخاب الرئيس بري لولاية سابعة، ما لم يكن هذا الاعلان مقدمة لتسوية تجري من تحت الطاولة لتمرير أصوات نواب “القوات” إلى بري وتغطية شرعية انتخابه مسيحياً، مقابل موافقة بري على حاصباني ليكون نائبه.

في المقابل، قد يبادر تكتل “لبنان القوي” إلى ترشيح النائب الياس بو صعب للمنصب، ولكن في ظل معارضة “القوات” وينضم إليها نواب “اللقاء الديموقراطي” والنواب المستقلين إلى جانب النواب “التغييريين” وبالتأكيد نواب كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها بري، الذي لن يستمر طويلاً في الهدنة التي تم الاتفاق عليها بينه وبين “حزب الله” والنائب جبران باسيل.

وهناك أيضاً النواب التغييريون الجدد الذين يدرسون إمكان ترشيح النائب المنتخب ملحم خلف، متذرعين بكونه نقيباً سابقاً للمحامين ويملك الخلفية القانونية والتشريعية اللازمة التي تؤهله لهذا المنصب بخلاف حاصباني وبو صعب، ناهيك عن أنه سيمثل اللبنة الأولى في مسيرة التغيير التي ينادون بها.

وعلى الرغم من أن “اللقاء الديموقراطي” لم يكن ينافس يوماً على هذا المنصب، إلا أن فوز غسان سكاف بالمقعد النيابي الذي كان يشغله الفرزلي، قد يكون الورقة الرابحة فيما لو طرح لتولي هذا المنصب. فسكاف يمثل تقاطعاً بين القوى التغييرية والرئيس بري، ويمنع الانقسام الحاد الذي قد يشهده المجلس في بداية ولايته الجديدة نظراً الى الاصطفاف الحاد بين “القوات” و”التيار الوطني الحر”، وقد يشكل الخطوة الأولى نحو التوافق الذي دعا إليه بري أمس، ويسهّل أمام المجلس عملية تسمية رئيس جديد للحكومة سواء كان باستمرار الرئيس نجيب ميقاتي على رأسها أو اختيار رئيس توافقي جديد.

مخاض كبير أمام مجلس النواب الجديد، والبداية تكون بتجاوز قطوع انتخاب نائب رئيس المجلس، وعليه ستتظهر صورة مستقبل البلاد والعباد الذي يجب أن يكون أولوية اهتمامات النواب الجدد، لكي يضعوا لبنان على سكة التعافي المنشود أو الاستمرار في المعاناة التي قد تولّد انتفاضة شعبية تشابه إلى حد ما، التغيير الذي حملته أصوات الشعب في الانتخابات النيابية.

شارك المقال