4 معادلات جديدة أنتجتها الانتخابات

المحرر السياسي

لا شكّ أن الانتخابات النيابية أنتجت الكثير من المعادلات التي تُعتبر أبعد من الغوص في كفّة الاجابة عن التساؤل حيال من نال الأكثرية النيابية؟ هناك تحوّلات عدّة أساسية عكستها النتائج على غير صعيد، وينتظر أن تؤثر هذه المتغيرات على الاستحقاقات الرئيسة المنتظرة وفي طليعتها توازنات تشكيل الحكومات على مدى السنوات المقبلة. وكذلك، كان للاستحقاق الانتخابي أن أسّس لمعطى جديد على الساحة البرلمانية مع دخول القوى التغييرية، المحسوبة على الأحزاب الناشئة بعد مرحلة انتفاضة 17 تشرين، الندوة البرلمانية بزخم قوامه كتلة يجري العمل على تشكيلها. وتعتبر المعادلة الأساسية التي كرّسها استحقاق الانتخابات تغييرية مع الانتقال إلى مرحلة تأسيسية للقوى الناشئة التي يراهن مؤيدوها على أن تتحول الى كرة ثلج تكبر أكثر على مدى استحقاقات الانتخابات النيابية المقبلة.

ويتمثل المعطى الآخر الذي على أساسه تنطلق معادلات ما بعد الانتخابات في بداية خروج دوائر “الجنوب اللبناني” من تحت سيطرة “الثنائي الشيعي” الكاملة. أتى ذلك بعد فوز 7 نواب يمثلون الجنوب من خارج كنف “الثنائي” ولوائحه وتموضعاته السياسية بعدما كان يختزل غالبية النواب الجنوبيين في الدورة الانتخابية الماضية باستثناء ممثلي مدينة صيدا. وبدا جلياً أن النتائج أكدت أن غالبية من النواب الجنوبيين المنتخبين الذين يمثلون مقاعد كلّ الطوائف الحاضرة من خلال مقاعد تمثيلية في الجنوب، باستثناء نواب الطائفة الشيعية، ينضوون ضمن تموضعات مضادة لمحور “الثنائي” باستثناء النائب ميشال موسى عن المقعد الكاثوليكي في “الجنوب الثانية” والنائب قاسم هاشم عن المقعد السني في “الجنوب الثالثة”.

يشار إلى أن صبّ الأصوات التفضيلية التي ساهمت في الخرق أتت لمصلحة مرشحي الطوائف الأخرى من دون تسجيل أصوات تفضيلية وازنة على صعيد مرشحين عن مقاعد شيعية، بما يؤشر إلى حالة اعتراضية سياسية على “حزب الله” مرتبطة خصوصاً بالمكونات والبيئات المتنوعة جنوباً من دون أن تشمل كتلة أصوات شعبية وازنة على الصعيد الشيعي للوائح المعارضة والتغييريين.

وتتمحور المعادلة الثالثة التي أنتجتها الانتخابات حول حصر التمثيل الدرزي في الحكومات المقبلة بممثلي الفريق المحسوب على المحور السيادي، وتحديداً الحزب “التقدمي الاشتراكي”، بعد سقوط جميع المرشحين الدروز على صعيد محور “الممانعة”. وتؤكد مصادر بارزة في “الاشتراكي” عبر “لبنان الكبير” أن الانتخابات حصرت الميثاقية الدرزية بالحزب “التقدمي”، بما يقطع الطريق على أي مطالبات كانت شهدتها الحكومات السابقة بتمثيل أحزاب أخرى أو ابتداع كتل نيابية لهذه الغاية. وأكدت الانتخابات صمود وليد جنبلاط في مواجهة كل محاولات المحاصرة التي فشلت في الوصول إلى أي مقعد برلماني. ورسخ الاستحقاق الانتخابي خطوات اضافية في تعبيد الطريق أمام مسيرة رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط.

أما المعادلة الرابعة التي كرّستها الانتخابات النيابية، فهي صوت المستقلّين وسط العدد الكبير من الشخصيات المناطقية المستقلة التي عبرت إلى البرلمان، إضافة الى الشخصيات التغييرية، في وقت يقرأ مراقبون أن عزوف الرئيس سعد الحريري وعدم مشاركة تيار “المستقبل” في الاستحقاق الانتخابي مسائل كان أن تحوّلت الى ظروف أدت الى وصول شخصيات مستقلة خصوصاً في دوائر الحضور السني. وسيكون النواب أصحاب الكفة المؤرجحة للأكثرية النيابية من المستقلين، وسط معطيات عن رهان أكثر من فريق سياسي على دورهم لمصلحته في مواجهة الفريق السياسي الآخر. المؤكد أن الانتخابات أنتجت برلماناً شبيهاً بالبرلمان العراقيّ، لناحية تشكّل مجموعات من الأقليات البرلمانية.

شارك المقال