حين “تسقط” الممانعة في “حب” الحريري!

عبد السلام موسى

“بالغ في الرقة حتى إنفلق”، قول ينطبق تماماً على ما “تلهج” به ألسنة محور الممانعة “الطويلة” وعلى رأسه “حزب الله”، الذي يعلم جيداً أن دس السم في الكلام المعسول، لا يجدي نفعاً مع جمهور الرئيس سعد الحريري، كما لا ينطلي عليه أصلاً “العشق الممنوع” معطوفاً على “الغرام المستجد” وما سبقه من “الإنتقام المستبد”.

وهذه “المكذبة” طبعاً تشمل حلفاء سابقين، زُيّن لهم أن بمقدورهم وراثة الحريري، بحفنة كلمات ودولارات، فيخيب ظنهم خيبةً عظيمة، وهذا موصول أيضاً على خصوم اعتاد على محاربتهم له، ولم يوفروا على مدى 17 عاماً، بعدما تسلم أمانة “الحريرية الوطنية”، مناسبةً للنيل منه، ومحاولة إلغائه سياسياً وجسدياً، كما فعلوا باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم ينالوا!.

الجديد، منذ قرار الحريري تعليق العمل السياسي، أن هؤلاء الخصوم، من “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصر الله إلى حليفه “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل، وعدد من أبواقهم وفي مقدمهم وئام وهاب، وهم في ذلك مثل الحرباء يتلوّنون “غب الطلب”، باتوا يرشحون زيتاً في الحديث عنه، ويذرفون “دموع التماسيح” عليه، كما لو أنهم يحاولون، تغطية سموات إرتكاباتهم بقبوات موبقاتهم، التي أوصلت لبنان إلى جهنم، بفعل ما اقترفوه بحق اللبنانيين من “خطايا” عطلت الاستحقاقات الدستورية، وضربت علاقات لبنان بمحيطه العربي، وورطته في حروب إيران التخريبية في العالم العربي، وجعلته في شبه عزلة عربية ودولية، بعدما أمعنوا في تخريب حياة اللبنانيين، وإنكار ثورتهم وما أفرزته من واقع جديد بعد 17 تشرين 2019، وحرمانهم من نعمة الكهرباء، وإجبارهم على الوقوف في طوابير الذل من أجل ليتر بنزين أو رغيف خبر أو حبة دواء.

يعلم هؤلاء “علم اليقين”، أن هذا غيض من فيض أفعالهم، التي كانت احدى الدوافع الأساسية لقرار الحريري تعليق العمل السياسي، والعزوف عن كل أشكال المشاركة في سلطة، يقبضون عليها بقوة السلاح والتعطيل، بعدما قارب الحريري النبي أيوب (عليه السلام) في صبره على هذا “العهد الغبي”، الذي مارس “كيدية بغيضة” ضده، مستقوياً بـ”حزب الله”، تلك “القوة المشرقية” التي تصبح “أوهن من بيت العنكبوت” أمام ابتزاز صهر “العهد الغبي” جبران باسيل الذي “عرف مقامه… فـتدلى!”.

يعلم هؤلاء بما لا يقبل الشك، أن الحريري ترك لهم “الجمل بما حمل”، وقرر أن يقلب الطاولة “غير آسف” على سلطة تمزق “دستور الطائف” بالممارسة، على رأسها رئيس جمهورية يصادر صلاحياته رئيس حزب، حوّل قصر بعبدا إلى مؤسسة حزبية لـ”التيار الوطني الحر”، هو جبران باسيل، “فرخ الفتنة” الذي يصول بحثاً عنها، ولو كلفه ذلك نبش كل القبور، ويجول في ظلام يغرق فيه اللبنانيون من عكار الى الناقورة بفعل سياساته الغبية، من دون أن يرف له أي جفن، لسبب بسيط، أنه على ثقة، بأن في ظهره، حزباً يهوى “ثقافة الموت”، ويُقدّس قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتحوّل من مقاومة إلى “مقاولة بالدماء” في أكثر من دولة عربية، خدمةَ للمشروع الإيراني، الذي لم يقدم للبنان واللبنانيين إلا الدماء في حروب “لو كنت أعلم”، وتهريب “داعش” بالباصات الخضر، والتهليل لبضع صهاريج من المازوت، والتنظير لمشاريع الزراعة على الأسطح وشرفات المنازل.

تعرف “ألسنة السوء”، تمام المعرفة، التي لا يعرف بعضها سوى “لغة الصرامي”، أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن الحريري لا يشبههم بشيء، ولو تحمل ظلماً أن يشمله شعار “كلن يعني كلن”، وأن يكون أول من يستجيب لإرادة الحراك بالاستقالة بعد ثورة 17 تشرين، ومن ثم بالعزوف عن خوض الانتخابات النيابية، افساحاً في المجال أمام ضخ دم جديد في الحياة الوطنية، ووصول من كان يضعه في خانة واحدة مع خصومه إلى سدة المسؤولية، ليكتشف ما كان يرفض الاعتراف به، بأن “كلن” مش “يعني كلن”.

فالحريري الذي استجاب لإرادة الناس في ثورة 17 تشرين، لا يشبه من قمع هذه الثورة والتف على مطالبها ومارس العنف تجاهها، وعمل جاهداً على نشر مندسين في صفوفها أو إستقطاب بعض “ضعاف النفوس” فيها.

والحريري الذي أنجز مؤتمر “سيدر” لمنع الانهيار، لا يشبه “حزب الله” وجبران باسيل وكل من عطل الإصلاحات التي كان يجب الالتزام بها لتسييل أمواله.

والحريري الذي التزم بالمبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان بعد “نكبة انفجار المرفأ” لا يشبه هذا “العهد الغبي” وكل الذين انقلبوا عليها وأضاعوا على اللبنانيين تلك “الفرصة الذهبية”.

والحريري الذي كان يحرص على أطيب العلاقات مع الأشقاء العرب لا يشبه “حزب الله” وأغبياء باسيل، الذين أساؤوا الى هذه العلاقات ووضعوها على المحك.

والحريري الذي لم يتلطخ كفه بنقطة دم واحدة، لا يشبه كل أمراء الحرب و”حزب الله” الغارق في دماء رفيق الحريري، وفي دماء العرب في سوريا والعراق واليمن.

والحريري الذي بذل في السياسة الغالي والنفيس، من أجل طمأنة الشريك المسيحي واحترام إرادته بتغيير قانون الانتخاب، وانتخاب من وصفوه بـ”الرئيس القوي” لا يشبه جبران باسيل ومن معه في اتفاقات “أوعا خيك”، التي سُخرت للنيل من الحريري وعدم احترام تمثيل الشريك المسلم في الاستحقاقات الدستورية، وآخرها تشكيل الحكومة وما تخللها من تقاطع باسيل – جعجع على حجب ما يسمى “الميثاقية المسيحية” عنه.

والأمثلة، كما الشواهد والوقائع كثيرة، على ما فعله الحريري من أجل لبنان، وما فعلوه هم ضد لبنان، وحتّم على الحريري أن يأخذ قراره التاريخي، في انتظار تغير الظروف، التي تعينه على تعليق قراره والعودة للعودة إلى “زمن رفيق الحريري” الذي يحن اليه كل اللبنانيين.

حتى ذلك الوقت، كل ما يقوله هؤلاء من وهاب إلى باسيل، مروراً بالحزب وإعلامه وأبواقه، لا يُعوّل عليه، وليس سوى “تقية سياسية” لا تعينهم في كسب ود جمهور الحريري، بل تدينهم في ما ينتجونه من “أفلام محروقة” و”مسرحيات رديئة الإخراج…”.

“الشمس طالعة والناس قاشعة”.

شارك المقال