معركة إستعادة الدستور

الراجح
الراجح

يلخص جورج اورويل صاحب رائعة “مزرعة الحيوان” خصائص التعصب القومي أو الديني بثلاث، الهوس وعدم الاستقرار واللامبالاة بالواقع وحتى عدم الاعتراف به…

فترى وعبر التاريخ كل المصابين بمرض التعصب هذا يسلكون طرقاً يصعب فهمها في الكثير من الأحيان.

موسوليني مثلاً قدّم نفسه للايطاليين على أنه كل الأشخاص، وكان كل أسبوع يرتدي زياً فمرة ضابطاً أو عاملاً أو فلاحاً، طياراً، اميرال بحرية، وهكذا… ما يذكرنا بالرئيس المصري الراحل أنور السادات وتعليق الصحافي محمد حسنين هيكل على لباسه المختلف وبحسب الزيارات التي كان يقوم بها، فيرتدي ثياب اميرال بحري حين يزور القواعد البحرية، ولباس الطيارين المغاوير أثناء زيارته القواعد الجوية، ولباس المهندس الميكانيكي في زيارة مصانع السيارات وهكذا… وهذا ما دفع محمد حسنين هيكل الى السؤال، ماذا سيرتدي الرئيس حين يزور مقر اتحاد المرأة المصرية؟

وعندنا نرى الأمين العام لـ “حزب الله” خبيراً في كل شيء كونه لا يستطيع تغيير لباسه بالمطلق! فمرة خبيراً بالاقتصاد ومرة بالنفط والغاز ومرة بالديموقراطية من دون السهو عن الاستراتيجيات العسكرية والزراعة طبعاً وهلم جراً…

ما يعنينا في النهاية هو الخلط بين الأمة والوطنية ما يُحدث الكثير من سوء الفهم بحيث يجدها الانسان معقدة جداً ولا يمكنه فهمها! فمثلاً كيف يفهم المرء قتال مجموعة من أجل تحرير أرضها من عدو غاصب، وبعد إتمام ذلك تراها مستميتة في القتال لإخضاع البلد والمجتمع لطروحات أشد وطأة من طروحات الاحتلال الذي كان سائداً؟

وبالعودة الى جورج اورويل في وصفه للأحزاب الشمولية التي تؤدي ثوراتها الى فظائع إن لم يتحقق الانتقال الى حكومة الشعب. فهل نحن وفي هذه المرحلة أمام مَن أطاح بالدستور والمؤسسات المسماة بالفاسدة، وولى رؤساء أكثر فساداً وطغياناً من الذين حكموا؟! أم أمام مرحلة من الصراع لإعادة أسس الديموقراطية من خلال المجموعات التغييرية والتي أمامها طريق واحد وهو الهجوم لأخذ مواقع متقدمة في الحكم وبعيداً عن النظريات الأكاديمية حول السلطة والمعارضة؟ فالإقدام على أخذ المواقع لتقديم النموذج البديل يبقى الأساس الوحيد في هذه المرحلة.

شارك المقال