عون سيأخذ بصدره أي مخرج “مقبول” للترسيم رغم الاعتراضات

وليد شقير
وليد شقير

حدد اجتماع رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي في اجتماعهما أمس الخيارات المطروحة أمام لبنان في الإجابة عن الاقتراحات الخطية والخرائط المرفقة بها التي كان الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين أرسلها إلى لبنان في آذار الماضي، لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والتي تعطي لبنان حقل قانا كاملاً في الخط 23 المتعرج الذي رسمه، وسيبلغ الرئيس عون هوكشتاين بها يوم الثلاثاء حين يلتقيه، وكذلك ميقاتي.

الرد الذي كانت واشنطن تنتظره من لبنان، وصاغته لجنة فنية ضمت ممثلين عن وزارات مختصة ورئاستي الجمهورية والحكومة في نيسان الماضي، ولم يرسل إلى هوكشتاين، وكان ذلك حجة المسؤولين الأميركيين لعدم إيفاده مجدداً إلى لبنان، سيتم إطلاعه عليه يوم الثلاثاء. ويقر المحيطون بالرئاسة بأن على لبنان في نهاية المطاف أن يقول رأيه في ما طرحه الوسيط الأميركي في المرة السابقة. وبين ما اقترحه أن يكون الخط 23 متعرجاً في المنطقة المواجهة لحقل قانا، ثم يستمر مستقيماً ويعود فيتعرج ثانية لكن لمصلحة إسرائيل لإعطائها مساحة مقابلة لما أُخِذ منها قبالة قانا. وهذا ما لم يقبل به الجانب اللبناني، لأنه يقضم من أحد البلوكات العائدة إلى لبنان.

وكالعادة يسبق لقاء هوكشتاين بالرئيس عون عشاء في منزل نائب رئيس البرلمان الياس بوصعب ليلة وصوله الى بيروت، لاستطلاع استعدادات رئيس الجمهورية والجانب اللبناني، حيال الخيارات المطروحة. لكن الأوساط القريبة من الرئاسة اللبنانية تشير إلى أن هوكشتاين سيبلغ بعد لقائه عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي، الاسرائيليين بالرد اللبناني إما بزيارة تل أبيب، فإذا وجد استعداداً جدياً قد يعود فوراً، أو أنه سيرسل بالطرق الديبلوماسية الرد اللبناني ويحصل على موقف إسرائيل منه، وينقله إلى لبنان.

وفي اعتقاد الأوساط الرسمية القريبة من بعبدا، أنه مثلما على لبنان أن يبلغ رده على الخيارات التي طرحها الوسيط الأميركي، فإن الأخير أمام تحدي معالجة التوتر الناشئ عن وصول السفينة “إنيرجين باور” إلى قبالة شاطئ فلسطين المحتلة تمهيداً لبدء عمليات استخراج الغاز من حقل “كاريش”، وهذه العمليات تحتاج إلى قرابة شهرين لتجهيزها. أي أن على هوكشتاين أن يعمل على نزع فتيل أي توتر ناجم عن تهيؤ السفينة لمباشرة استخراج الغاز، لا سيما بعد تهديد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله. وفي اعتقاد مصادر سياسية متابعة لتداعيات تأخير حسم مسألة ترسيم الحدود أن المنطق يفترض أن تسعى واشنطن الى إزالة أي مبرر لقيام “مزارع شبعا بحرية”، تبرر لـ”حزب الله” احتمال قيامه بعمل عسكري لمنع إسرائيل من استخراج الغاز، على الرغم من استبعاد معظم الأوساط ذلك. فلا لبنان يحتمل افتعال مواجهة مع إسرائيل ولا الأخيرة تريدها، ولا أميركا كذلك.

ولا تتردد هذه الأوساط في القول إن عون إذا وجد نتيجة في ردة فعل هوكشتاين على الرد اللبناني، وأن إسرائيل تبدي ليونة، في شكل يحصل لبنان على مكاسب مقبولة من الخط المتعرج 23، فإنه لن يتردد في القبول به، وهو مستعد لتحمل مسؤولية ذلك مهما كانت هناك من مزايدات حيال موقفه، أو رفض لهذا الموقف من بعض الأوساط اللبنانية، ولا مشكلة بالنسبة إليه أن يأخذ الموضوع في صدره.

وتؤكد هذه الأوساط أنه طالما قال نصر الله انه يثق بالرئيس عون، وانه يقف خلف موقف الدولة اللبنانية، وان الرئيس بري يعتبر أنه قام بما عليه في إنجاز اتفاق الإطار أواخر العام 2020، وبات الأمر في عهدة صلاحيات الرئيس وفق الدستور، فإن الأخير سيوافق على نتائج التفاوض التي يعتقد أنها غير مجحفة في حق البلد، مستنداً إلى هذين الموقفين.

وفي هذا السياق تميل الأوساط إياها إلى الاعتقاد بأن موقف كل من الحزب بالإنذار لردع السفينة، وبري بالابتعاد عن صياغة الموقف اللبناني في التفاوض هدفه تجنب الاشتراك في تقديم التنازلات المطلوبة لإنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية. وفي موازاة ذلك تدعو جهات مراقبة إلى النظر بواقعية إلى إعلان نصر الله استعداده لمنع السفينة اليونانية من بدء استخراج الغاز، معتبرة أنه على صحة القول بأنه رفع السقف بهذا الإنذار، فهو ربطه بالموقف الواضح للدولة، وبالتالي ترى أن نصر الله وجه في كلامه رسائل سياسية هادفة في كل الاتجاهات. لبنانياً رد على القوى التي وجهت اللوم إلى الحزب سائلة أين هو سلاحه لا يتصدى. وفي وقت طالب عدد كبير من هؤلاء الحزب بأن يدافع عن الخط 29، فإنه أظهر استعداداً لمواجهة التعدي على حقوق لبنان لكن من دون تبني الخط 29، الذي اعتبرته الدولة اللبنانية خلفها في مفاوضاتها السابقة مع هوكشتاين. كما أن إنذار نصر الله رسالة، حسب هؤلاء إلى دول عربية استضعفته بعد الانتخابات. ولا يفوت الجهات المراقبة أن تسجل بأن كلام نصر الله رسالة إلى الأميركيين بأن تركهم الوضع بين لبنان وإسرائيل معلقاً يمكن أن يتسبب بمواجهة، يعرف هو أنهم لا يريدونها. فنصر الله اطلع على حصيلة زيارتي كل من وزير الخارجية عبد الله بو حبيب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى واشنطن قبل أسبوعين، وسمع حرص الجانب الأميركي على الهدوء وتجنب أي عمل يرجح إمكان المواجهات العسكرية في المنطقة. وبالتالي فإن نصر الله يعرف حدود لعبة التصعيد ورفع السقوف، ومثله مثل الجانب الاسرائيلي يفضلان نجاح الوساطة الأميركية في معالجة الخلاف، كما قال وزير الدفاع الاسرائيلي بني غانتس.

شارك المقال