كيف سيرد بايدن إذا استخدم بوتين النووي؟

حسناء بو حرفوش

ما الذي سيقوم به الرئيس الأميركي جو بايدن في حال استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النووي في أوكرانيا؟ يقول الخبراء إن الرد النووي من الطرف الأميركي غير مرجح ولكنه ليس مستحيلاً، لا سيما وأن الردود المحتملة عرضت على طاولة النقاش مع عدم استبعاد اللجوء الروسي الى الأسلحة النووية في ساحة المعركة، خصوصاً في ظل العقيدة الروسية العسكرية.

وحسب التعليقات التي جمعتها شبكة “إن بي سي نيوز” (NBC News)، “لا يوجد دليل وهناك القليل من التوافق حول كيفية رد الولايات المتحدة على أي فعل مدمر قد يحطم القواعد ويمحو مدينة أوكرانية ويقتل عشرات الآلاف ويرسل سحابة من التداعيات النووية فوق دول الناتو في أوروبا الغربية. وليس هذا النقاش بجديد على الإدارات الأميركية، فقد فحصت إدارة أوباما السابقة لعبة حرب تحاكي استخدام روسيا للأسلحة النووية في دول البلطيق، وبرزت خلافات جوهرية حول كيفية الرد.

ويقول مسؤولو المخابرات الأميركية إنهم لم يروا أي مؤشرات على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد لاستخدام ما يسمى بالأسلحة النووية في ساحة المعركة، لكن العديد من السيناريوهات العسكرية الروسية منذ العام 2000 تصور أول استخدام للأسلحة النووية رداً على تهديد تقليدي في حرب إقليمية. ويقول خبراء عسكريون إن أصغر الرؤوس الحربية الروسية لديها القوة التفجيرية التي تفوق بمرات عديدة قوة القنابل التي أسقطت على هيروشيما وناغازاكي.

ومع استمرار الولايات المتحدة في إرسال المزيد من الأسلحة المتطورة المصممة لمساعدة أوكرانيا على تدمير القوات الروسية، أخبر المسؤولون الأميركيون شبكة NBC News أن إدارة بايدن كانت تفكر منذ شهور في ما لا يمكن تصوره بشأن ما يمكن أن يفعله فلاديمير بوتين وسيناريوهات الألعاب الحربية التي تتصورها روسيا باستخدام قنبلة ذرية على أوكرانيا.

وتحدثت شبكة “إن بي سي نيوز” مع ستة من المسؤولين الحاليين والسابقين الذين اطلعوا على الموضوع والعديد من الخبراء الخارجيين. ورفض المسؤولون الحاليون الحديث بشكل رسمي، مشيرين إلى حساسية التخطيط. ومن العدل القول بأن الرد الأميركي “سيعتمد بشكل كبير على كيفية استخدام الروس” للسلاح النووي، كما قال أحد المسؤولين الأميركيين بانتظام رداً على مداولات الحكومة الأميركية.

ويقترح المسؤولون والخبراء الخارجيون: “استمروا في المسار، وتشددوا في العقوبات واستمروا في تسليح الأوكرانيين، بالتزامن مع تبني تحالف دولي ضد روسيا يعزل البلاد تماماً؛ وشن هجوم عسكري تقليدي على القوات الروسية في أوكرانيا أو روسيا؛ أو الرد بهجوم نووي. وما لم يتم ضرب دولة من دول الناتو، فلن يكون على الولايات المتحدة الالتزام بأي رد”.

وقال بعض المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين لشبكة NBC News إنهم يعتقدون أن من غير المرجح أن ترد الولايات المتحدة عسكرياً بعد استخدام روسي واحد لما يسمى بالسلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا. وقال آخرون إن بايدن سيضطر إلى إطلاق بعض القوة التقليدية، وربما مهاجمة القوات الروسية في أوكرانيا أو الوحدة العسكرية الروسية التي أطلقت السلاح النووي، وهو خيار قد تكون له تداعيات خطيرة، لأن القادة العسكريين الروس قد يقتلون.

وإذا استخدمت روسيا سلاحاً نووياً من أي نوع، فقد تدخل الولايات المتحدة الحرب مباشرة ضد روسيا لوقف هذه الحكومة التي لم تنتهك فقط الكثير من القوانين الدولية، وقالت إيفلين فاركاس، المسؤولة السابقة في البنتاغون لروسيا إن بوتين سيوقع على الأمر الخاص بتغيير النظام.

في ظل هذا التفكير، لن يرغب بايدن في المخاطرة بالتصعيد إلى حرب نووية شاملة تؤدي إلى تدمير المدن الأميركية. لكنه قد لا يضطر إلى ذلك، لأنه في حال استخدم بوتين النووي، يعتقد الخبراء أن معظم البلدان الأخرى في العالم، سينقلب بسرعة ضد روسيا ويعزلها. وحسب جوزيف سيرينسيون، الخبير النووي والزميل المتميز في معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول (Quincy Institute): “سيتوقف العالم كله”.

بدورهم، أعرب مسؤولو الأمن القومي الأميركي والغربي عن يقينهم بأنه لا توجد أي علامة على أن روسيا قد نقلت أسلحة نووية تكتيكية من منشآت التخزين. وقال مسؤولو المخابرات إنهم يقدرون أن بوتين لن يفكر في الأسلحة النووية إلا إذا كان يعتقد أن نظامه في خطر مميت. لكن اثنين من المسؤولين الأميركيين، يقولان إن البعض في الدائرة المقربة من بوتين شجعه على اختبار سلاح نووي كعرض للقوة خلال اللحظات التي عانت فيها قواته التقليدية في أوكرانيا. وقال المسؤولون إن هناك مخاوف مستمرة من أن يلجأ بوتين الى هذا الخيار إذا كان يعتقد أن روسيا قد حوصرت في الزاوية.

ووضع بوتين القوات النووية الروسية في حالة تأهب قصوى بعد وقت قصير من بدء غزوه لأوكرانيا في 24 شباط، وحذر من أنه “ينبغي ألا يشك أحد في أن الهجوم المباشر على بلدنا سيؤدي إلى الدمار والعواقب الوخيمة لأي معتد محتمل”. لكن المسؤولين الأميركيين قالوا لشبكة NBC News إنهم لم يروا أي تغييرات في بصمتهم أو تحركاتهم في ذلك الوقت.

ويأتي كل هذا على خلفية عقيدة نووية روسية تطورت في ما يعتبره المسؤولون الغربيون طرقاً مزعجة. وفي وثيقة تعود الى العام 1993، قالت روسيا إنها لن تستخدم الأسلحة النووية إلا عند تهديد وجود الدولة. لكن في نسخ نُشرت منذ العام 2000، تحتفظ روسيا بحقها في استخدام الأسلحة النووية رداً على أي أسلحة دمار شامل تُستخدم لمهاجمتها وحلفائها، وفقاً للباحثين الذين فحصوها. وتسمح العقيدة أيضاً باستخدام الأسلحة النووية “رداً على عدوان واسع النطاق باستخدام الأسلحة التقليدية في المواقف الحاسمة للأمن القومي للاتحاد الروسي”. ويصف الخبراء هذه الإستراتيجية بأنها “تصعيد من أجل التهدئة”، ويقولون إنها تعني أن روسيا مستعدة لاستخدام محدود للأسلحة النووية لكسب ما يمكن أن يكون حرباً تقليدية.

يكافح المسؤولون لفهم ما الذي يمكن أن يدفع بوتين الى استخدام سلاح نووي، لتعزيز المكاسب التي تحققت في ساحة المعركة؟ لعكس الخسائر؟ أم لدرء الهزيمة؟ وليس من الواضح مكان الخط الأحمر بالنسبة اليه”.

شارك المقال