ماذا لو رفضت “إسرائيل” العرض اللّبناني؟!

حسن الدّر
حسن الدّر

حرّكت السفينة اليونانية المياه الرّاكدة تحت خطوط التّرسيم الجامدة، ودفعت بالدّولة اللّبنانيّة دفعاً نحو الاتّفاق على صياغة موقف موحّد ردّاً على العرض الّذي كان تقدّم به الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في شباط الماضي.

الرّد اللّبناني تبلّغه هوكشتاين عبر رئيس الجمهورية وهو ما سمعه أيضاً من الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي.

وقد وصف مصدر سياسيّ رفيع أجواء الاجتماع بالوسيط الأميركي بالإيجابيّة والأكثر جدّيّة عن سابقاتها، وذلك لأسباب كثيرة، أهمّها:

– حاجة الولايات المتحدة إلى انجاز ملف ترسيم الحدود والبدء بتصدير النّفط والغاز من شرق المتوسّط باتّجاه أوروبا لفرض المزيد من الضّغط على روسيا وتحرير أوروبا من هيمنة الدّبّ الرّوسي على مصادر حياتها.

– حاجة الحكومة “الإسرائيلية” إلى إنجاز يضمن استمرارها في ظلّ الأزمة السياسية التي تعيشها، واستعجالها دخول نادي الدول المصدرة للنفط والغاز، الّذي يعدّ انجازاً استراتيجيّاً يؤكّد حضور “الكيان” كحاجة دوليّة وإقليميّة بنظر زعمائه وشعبه!.

– قوّة المعادلة التي فرضها لبنان عبر وحدة الموقف الرسمي، ووقوف المقاومة بكامل جهوزيّتها وترسانتها الدّقيقة خلف الدّولة وفق معادلة: “إمّا أن نستخرج معاً أو لا نستخرج معاً”.

على هذا الأساس يبني المتابعون لملف التّرسيم موقفهم الإيجابي من زيارة هوكشتاين، ولكن ثمّة احتمالات أخرى مبنيّة على وقائع تعاكس الجوّ التّفاؤليّ، فلا بدّ من ملاحظة عدّة تطوّرات ومسارات لا يمكن تجاهلها، منها:

– تكرار الاغتيالات داخل إيران بالتّوازي مع تجميد مباحثات فيينا، وإطفاء طهران عدداً من كاميرات المراقبة التّابعة للوكالة الدّوليّة للطّاقة الذّرّيّة.

– قصف مدرّجات مطار دمشق وإخراجه من الخدمة نهائيّاً، في تطوّر غير مسبوق للاعتداءات الاسرائيلية على سوريا.

– المناورات التي أجراها مؤخّراً جيش الاحتلال الاسرائيلي في قبرص، مع ما تحمل من دلالات سياسية وعسكرية تعرف قيادة المقاومة جيّداً خلفيّاتها وأبعادها وأهدافها.

هذه الاستفزازات تطرح كثيراً من الأسئلة حول توقيتها وغاياتها، ولا تخرج عن أحد احتمالين:

– أوّلاً: الضّغط على إيران من أجل العودة إلى الاتّفاق النّووي بالشروط الأميركيّة، وعلى لبنان بهدف القبول بشروط الاحتلال الاسرائيليّ وترسيم الحدود البحريّة وفق المصالح الأميركيّة.

– ثانياً: إيصال رسالة إلى محور المقاومة مفادها أنّ العدوّ جاهز للذّهاب بعيداً، حتّى الحرب المفتوحة، من لبنان إلى إيران وما بينهما…

أمام هذه الوقائع يبقى السؤال الأهمّ في لبنان: كيف سيردّ العدوّ الاسرائيلي على الموقف اللبناني الّذي حمّله إلى هوكشتاين؟ وماذا لو كان الرّدّ سلبيًّاً؟ كيف ستتصرّف الدّولة اللّبنانيّة ومن خلفها المقاومة؟

من المتوقع، حسب مصدر سياسي رفيع، أن يأتي الرّدّ خلال عشرة أيّام عبر هوكشتاين أو سفيرة بلاده في لبنان، واحتمال عدم قبول “إسرائيل” بالعرض اللّبناني مرتفع جدّاً، ما يفرض عودة المفاوضات غير المباشرة في النّاقورة حسب المصدر نفسه، ما يعني العودة إلى أسس “اتّفاق الإطار” الّذي كرّس اعترافاً أمميّاً وأميركيّاً بحق لبنان في ترسيم حدوده وحفظ حقوقه وفق ما تقتضيه القوانين والأعراف الدّوليّة.

ولكن، هل تتوقف السفينة اليونانية عن العمل فوق حقل كاريش؟

مصدر قريب من “حزب الله” أكّد جدّيّة المقاومة في تهديداتها واستعدادها للذّهاب بعيداً، حدّ إيقاف كامل منصّات النّفط الاسرائيليّة في حال أكّدت الدّولة اللّبنانيّة اعتداء “إسرائيل” على حقوقها.

وبعيداً من المزايدات والعنتريات الاعلاميّة الّتي أضعفت موقف لبنان التّفاوضي، يبرز سؤال يحتاج إجابة قانونيّة وعقلانيّة: هل يحقّ للبنان اعتبار أعمال السّفينة اليونانيّة اعتداءً على حقوق لبنان؟ وهل يحقّ للبنان اعتبار حقل كاريش متنازعاً عليه بعد العرض الّذي قدّمه رئيس الجمهوريّة وتجاهل الخطّ ٢٩ كليّاً؟!

 

 

 

شارك المقال