“تقديرات داخلية لحزب مقاوم”: هذا سيناريو حرب واقعة؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

منذ مدة نسمع في الكواليس عن تعبئة خفية ورفع الجهوزية تحسباً لحرب ما، اما على نطاق ضيق قد يقتصر على ضربات محددة وهادفة، واما على مستوى محاور، وهذا ليس كلام مقاه ودردشات بل في العمق داخل غرف مغلقة يحكى فيها عن المرحلة المقبلة وسناريواتها…

ولكن هل فعلاً تقرع طبول الحرب؟

موقع “لبنان الكبير” حصل على مسودة “تقديرات داخلية”، تعود الى أحد الأحزاب المحسوبة على محور المقاومة لا تطلع عليها الا قلة… هي فرضيات قريبة للواقع، تنطلق من جدل واختلاف رؤى حول شكل العدوان الوشيك على محور المقاومة يتمثل في الأسئلة التالية:

*هل ما يشاع عن عدوان وشيك ومرتقب حقيقي أم أنه حرب نفسية؟ وهل يكون العدوان على شكل مواجهة كبرى؟

*هل يبدأ العدوان محدوداً ثم يتوسع؟

*الى من توجه الضربة الأولى أو من هو المستهدف الأول في لائحة العدوان: لبنان، سوريا أم ايران؟

* السؤال الأهم: هل يكتفي العدو بالضربات البعيدة من دون الاشتباك البري المباشر (بحسب بنك الأهداف) أم الاثنين معاً، في موازاة موجة تصفيات واغتيالات؟

والسؤال الجديد بالنسبة إلى الحالة اللبنانية، هل يقتصر العدوان على الجانب الاسرائيلي فقط، أم هناك قوى أخرى ستدخل معه؟

“التقديرات الداخلية للحزب المقاوم” تقول إن “هناك الكثير من الأسئلة المهمة التي تحتاج الى أجوبة، وقد أرفقت بجملة تقديرات، أبرزها: نعم إن الحرب النفسية هي من أهم الأدوات في قواعد الاشتباك، لكن الضغوط هذه المرة جادة وكذلك التهديدات التي تطلق، يأخذها حزب الله على محمل الجد، تبدأ من فشل التفاوض حول الترسيم ولا تنتهي مع الأسباب الوجودية والمصيرية لدى إسرائيل وجميع من يدور في فلكها”.

وتضيف: “ثم إن ما يحصل على أرض الواقع من تنفيذ عمليات اغتيال يؤشر الى أن ايران تقع بالدرجة الأولى على لائحة الاستهداف، مثل السيطرة على خطوط الدعم البحرية وإغلاق البرية منها، من ايران الى العراق ثم الى سوريا وصولاً الى لبنان (مع التوقف ملياً عند الانتشار الأميركي والتركي على الحدود السورية – العراقية) وكذلك الخطوط الجوية من خلال استهداف مطار دمشق، أي عقلاً ومنطقاً، تسعى اسرائيل الى مواجهة رأس الأخطبوط بتكريس الجهد والوقت والتكاليف في مصارعة الأذرع، أو كما يسميها العدو رأس الأفعى التي يفترض أن تشل حركتها. وعليه فإن استهداف الجمهورية الإسلامية بعمل مركز، سوف ينعكس على باقي أطراف محور المقاومة، كما أن إشغال إيران بنفسها يخفف درجة الاهتمام والدعم والمتابعة للفصائل المقاومة حسب اعتقاد العدو، وبالتالي فإن هذا الأمر يتيح إمكانية الدخول مع الفصائل في مفاوضات أو يسهل الانقضاض عليها، وقد لوحظ استخدام إسرائيل وداعميها منذ مدة تعابير كالذيل والتبعية، والمصالح والأجندات الايرانية… كلها مصطلحات عمل عليها إعلامهم، منذ سنوات لاتهام محور المقاومة بأنه لعبة في يد ايران، والتشكيك بانتمائه الى أوطانه ما يعطي مبرراً للقوى المحلية بالهجوم عليهم سياسياً واستهدافهم تحت عنوان أنهم يجرون البلاد الى حروب لمصالح خارجية، ما يعبّد الطريق أمام الذهاب الى سقوف تدميرية أكبر مما هو مخطط له”.

وتدعو “التقديرات” الى “ملاحظة ما يحصل في العراق (انسحاب التيار الصدري واستقالة نوابه) وفي لبنان (المفاوضات على الغاز والترسيم) كلها مؤشرات تدل على التحييد الجزئي الاستباقي لفصائل المقاومة في حال شن العدوان على ايران وفي حال تدخل فصائل المقاومة، فان القوى المحلية المناهضة لها ستقوم بردة فعل تحت شعار العودة الى الوطن، واحتفاظ الدولة بسياسة الحياد وقرار السلم والحرب، وبذلك ينجح مخطط الحرب الأهلية في كل من لبنان والعراق”.

وتضع “التقديرات الداخلية للحزب المقاوم” احتمالات بأن “يكون العدوان المرتقب على صفحات ومراحل وبأساليب مختلفة، على النحو التالي:

1- المرحلة الأولى:

المواجهة مع ايران عن طريق ضربات تدميرية تشمل جميع مرافق الحياة والمنشآت العسكرية بالقدر الذي يتحرك فيه الشارع الايراني ضد نظام الجمهورية كما هو مخطط له في هذا العدوان، وتكون الحرب من بعيد يتفادى فيها العدو الاحتكاك والمواجهة المباشرة، بحيث أنه لا يستخدم قواعدة في الخليج لتفادي ردود الفعل على منشآت الطاقة والنفط وخوفاً من الضربات التدميرية الايرانية على قواعده، علماً أن خطوط العدو الدفاعية ستكون ثلاثية: نشر منظومات الدفاع في الخليج وفي الأردن وفي اسرائيل”.

2- المرحلة الثانية:

“ستكون سوريا هي المستهدفة وبأساليب عدة منها الاستهداف الجوي (يحصل حالياً) والاشتباك البري المباشر حيث نتوقع هجوماً سريعاً للقوات الأميركية والاسرائيلية بالاضافة الى القوات التركية في الشمال السوري”.

3- المرحلة الثالثة:

“تتعلق بلبنان، وتتمثل في عمليات قصف مركز وممطر على جنوب لبنان بصورة دراماتيكية مع توقع 60% من عمليات إنزال بحري يفصل بيروت والمناطق الشمالية، اما اجتياحاً أو يكتفي العدوان بالسيطرة على موانئ لبنان مع تفادي الاشتباك المباشر لغرض تحييد الجيش اللبناني ودعم القوى المناهضة لحزب الله بكل أشكال الدعم الحربي وغير الحربي وتأليب الرأي العام ودفع اللبنانيين الى حرب أهلية ضد حزب الله والقوى المتحالفة معه بحسب السيناريو المعد، والذي يعمل حالياً على ترك المفاوضات مفتوحة بهدف كسب الوقت والمماطلة حتى شروع الضربة على ايران وبالتالي استبيان موقف الحزب وباقي فصائل المقاومة كما هو مرسوم”.

وتلحظ “تقديرات الحزب المقاوم” أن “الانزال على الموانئ ربما يستخدم كرأس جسر في سيناريو آخر لاجتياح الجنوب اللبناني، بعد إنهاك لبنان في حرب اقتصادية قاتلة مدعومة من واشنطن وبعض الدول. ويكاد يكون الموقف والسيناريو المرسوم للعراق مشابهين لما هو مرسوم للبنان مع اختلاف بسيط هو اندفاع تركي لغزو بعض مناطق شمال العراق واعادة انتشار قوات الاحتلال الأميركي في العراق بمشاركة الناتو”.

وتقول التقديرات: “ان العدو يعي تماماً حجم الأضرار والخسائر التي سوف يتكبدها والضربات التي سيتلقاها سواء في سيناريو المواجهة الكبرى أو الاستهداف الانفرادي المتسلسل (القضم التدريجي) ومع ذلك ليس لديه من خيار سوى العدوان، ويجد في المفاوضات خسارة كبيرة مع الظرف الحالي وتطورات الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها على العالم، ومتطلبات خزان الطاقة العالمي… وازاء هذا كله يجب أن ينصب الجهد على استهداف أكبر قاعدة عسكرية ومعنوية واقتصادية للأميركيين والغرب، ألا وهي اسرائيل بحيث تتلقى ضربة استباقية تزدحم معها مطاراتها وموانئها بالهاربين”.

وتتابع “تقديرات الحزب المقاوم”: “وقد تم وضع سيناريوات ترفع مستويات المواجهة وتختلف حسب أشكالها وتنوع أساليبها ويجب أن تكون شاملة ومتكاملة ومستوفية بحسب العمل الأمني والعسكري بالدرجة الأولى والسياسي والاعلامي بالتوازي معه، بحيث يكون هناك شلل تام يهدد العالم من خلال استهداف كل مصادر الطاقة في المنطقة، اذ أن أكثر ما يربك العدو هو القتال خلف الخطوط، واسرائيل تتوقع ذلك، خصوصاً أن محور المقاومة الذي بات على جهوزية عالية أصبح يتقن سياسة الكماشة التي يجهل العدو تقدير مفاصلها”.

اذاً هي سيناريوات جدية لا مغالاة فيها، وكل المؤشرات تدل على أن ما يحصل حالياً ليس صدفة، بل هو عمليات تمهيدية لحرب واقعة لا محالة وتنتظر التوقيت، خصوصاً أن كل حروب العالم تاريخياً، دوافعها ووقودها أسباب اقتصادية… الا اذا اقتنعت كل الأطراف بضرورة التفاهم على تسوية معالمها ليست حاضرة حالياً. وفي كل الأحوال لا بد من انتظار نتائج الزيارة المهمة التي يقوم بها الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة في تموز المقبل والتي تشمل بعض دول الخليج وإسرائيل.

شارك المقال