فعاليات البقاع: الشذوذ لن يمر ولو على جثثنا!

راما الجراح

أثارت الدعوات إلى التعاطف مع الشاذين جنسياً وانتقال دعاتها من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، وتحديّهم للقوانين والشرائع التي تحرّم هذا الفعل وتجرمه، الجدل في لبنان، المجتمع المتعدد الطوائف والمذاهب. ويعتبر هذا الموضوع من أحدث المواضيع التي تثير اهتمام الناس على اختلافاتهم الدينية والفكرية والاجتماعية بعد انتشاره في العالم العربي.

الشذوذ الجنسي هو ممارسة انحرافات أو صور نشاط تناسلي ليس في اتفاق مع الثقافة أو الأعراف العامة لمجتمع أو دولة معينة، كما لبنان، فالدعوات والمطالبات التي أطلقتها هذه الفئة مؤخراً بإقامة تجمعات على نطاق الوطن أثارت موجة اعتراض كبيرة داخل المجتمع، وقد أعلن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رفضه التام لظاهرة الشذوذ الجنسي “المثلية” التي ينادي بها البعض ونبذها، كما أصدر وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي قراراً قضى بعدم السماح بإقامة أي نشاط لمجموعة من الشاذين جنسياً تحت مسمى “المثليين”، الذين يخالفون الأديان والشرائع والمعتقدات كافة.

وفي المجتمع البقاعي المحافظ، رفضت المرجعيات الدينية والفعاليات هذه الظاهرة بصورة تامة، وقال الشيخ خالد عبد الفتاح الذي يتمتع بتأييد كبير وواسع بين الشباب في البقاع: “لا رأي لنا في مسائل حسمها الإسلام حسماً نهائياً، لكن ما كنا نواجهه سابقاً هي حروب على بعض مفردات الشريعة وتعاليمها من المسائل التي قد يهواها الإنسان أو يميل بفطرته إليها في ما يتعلق بالنساء أو حب المال أو غير ذلك، أما اليوم فنحن أمام تطور خطير جداً، ولم تعد الحرب هنا على الإسلام بل حرب على الفطرة بكل معنى الكلمة ولذلك ينبغي أن يواجهها كل مَن في نفسه بقية إنسانية يشعر بفطرته التي خلقه الله عليها”.

أضاف في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “في التاريخ هناك مرحلتان انحرفت فيهما الفطرة انحرافاً كبيراً، الأولى مرحلة سيدنا لوط حيث في زمنه ظهر في الناس الشذوذ، والمرحلة الثانية هي في هذا الزمن، وكنت أظن أن هؤلاء الشاذين يخبئون رؤوسهم خجلاً، لكن للأسف عندما سكتنا عن النهي عن المنكر، أصبحوا يأمروننا بالمنكر ويريدون منّا تقبل ذلك، ولكن هذه المسألة لا يمكن أن تمر في أي بلد إسلامي، ونحن نعوّل على الفطرة التي خلق الله الناس عليها وهي موجودة عند جميع الطوائف وأبناء البشر”.

واعتبر عبد الفتاح أن “هؤلاء الذين يتكلمون في الشذوذ خُلقوا من أب وأم، أي أن والديهم لم يكونوا شاذين. نحن في المجتمع الإسلامي نقول لو أنهم أقاموا تظاهرتهم بالأمس أمام وزارة الداخلية لأقمنا تظاهرات في كل لبنان! كفى مسخاً لهذه الفطرة، فهذا مرض يحتاج علاجاً لا ترويجاً ودعاية كما يحصل، وموقف مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان كان صارخاً ونهائياً، وهذا الموضوع خط أحمر ولن نقبل به”.

ووجه عتباً كبيراً الى الناس، مذكراً بـ “أننا كنا قد حذرنا قبل الانتخابات من النواب التغييريين الذين انتخبهم الناس الحاملين هذه الأفكار والمروّجين لها، وأنهم يحملون أجندات مشبوهة، ومن غير المعقول في الوقت الذي لا يجد الناس خبزاً ليأكلوه وحاجات أساسية يصعب عليهم تأمينها أن يتم الحديث عن هذه الفئة وحقوقها المخالفة لكل العادات الشرقية والغربية”.

وتوجه الى مدّعي حقوق الإنسان في هذه المسألة بالقول: “ما رأيكم في الذين يدعون إلى تعاطي المخدرات علناً، أو الذين يدعون إلى الزواج من الأبناء والبنات من دون رضاهم، أو الذين يدعون إلى الزواج من البهائم، وغيرها من الحالات؟ هل رفضنا لهذه الأمور يعني أننا ضد حقوق الإنسان؟ الحرية المطلقة مفسدةٌ مطلقة، فالحرية لها حدود لا بد من الوقوف عندها، ولذلك نحن في الإسلام نعتبر الحرية نوعاً من الهدية الربانية التي أكرم الله بها الخلق، لكن على أن يكون حراً أمام أهوائه، لا أن يكون عبداً لهواه”.

وأكد أحد مطارنة زحلة الذي تحفظ عن ذكر اسمه لـ “لبنان الكبير” أن “مَن يعتقد أن الانجيل المقدس يغفر الشذوذ الجنسي واهم، ويجب أن يعلموا أن الكتاب المسيحي يدين مثل هذه الممارسات، وأن الله سوف يحكم عليهم بعدم الصلاح للدخول إلى ملكوت السموات، إذا ما استمروا في هذه الأفعال والعمل على نشر الشذوذ الجنسي. فالانجيل يحذر وينهى عن العلاقة بين اثنين من الجنس نفسه”.

أضاف: “نؤمن بحقوق الإنسان وحريته، ونؤمن بأن حرية المخلوق ليست مطلقة إلى حد التعدي وكسر شرائع الخالق، فالزواج هو بين رجل وامرأة وما هو غير ذلك شر حقيقي وانحراف واضح عن فكر الله. ونحن نؤمن بأن كلمة الله ثابتة لا تتغير بمرور الزمن، والسيد المسيح نفسه قال: السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول”.

أما سعيد ياسين، رئيس بلدية مجدل عنجر وأحد فعاليات منطقة البقاع فأشار الى أن “لدى المسلم قواعد ثابتة لا يمكن لأحد أن يجتهد فيها بهدف تغيير دستورنا الإسلامي، وهذا لا يتعارض مع حرية الإنسان وغيرها. ولو عُدنا بالتاريخ إلى الوراء لرأينا أنه لم يكن هناك أي تقدير للمرأة وحقوقها حتى أنها كانت تُحرق بعد ولادتها، وقد جاء الإسلام ليُكرمها ويرفع من شأنها، كذلك الأمر بالنسبة الى الشذوذ الجنسي، الإسلام حرّمه ونحن ملتزمون بذلك”.

وشدد على أن “من غير المسموح الاجتهاد في أساسيات الأديان، فنحن بلد عربي أولاً، ونعيش في مجتمع متعدد الطوائف ولكن في المقابل جميع الأديان ترفض هذا الشذوذ، ونحن في البقاع من موقعنا كفعاليات نعتبر تصرفاتهم وميولهم مخالفة لقدرة الله وأمره، ونرفض بشكل قاطع هذه الظاهرة أو أي دعوة لتجمعات لهم، ولن تمر لو على جثثنا!”.

شارك المقال