الانتخابات المقبلة… أي تغيير؟

كمال ريشا
كمال ريشا

ماذا لو جرت الانتخابات النيابية في موعدها، أو جرت أبكر من الموعد المقرر لها؟

هل ستشهد تركيبة المجلس النيابي الحالي، وتوزيع الكتل النيابية تغييرات درامية تغير من توازنات القوى التي تحكم التركيبة الحالية؟

حقيقة الأمر أن على اللبنانيين ألا يتفاءلوا كثيراً بأي تغييرات نوعية قد تحدث على التركيبة الحالية للمجلس، خصوصاً أن ما يسمى بـ”ثورة 17 تشرين” أخفقت واندثرت كأنها لم تكن، ما يعيد إلى الأذهان أسباب نزول اللبنانيين إلى الشارع في ذلك اليوم، فإذا كانت السنتات الستة التي اقترح مجلس الوزراء زيادتها على تعرفة فاتورة “الواتس آب” قد أشعلت “ثورة” فإن ما جرى بعد ذلك كفيل بأن يشعل البلاد بطولها وعرضها، الأمر الذي لم يحصل، ويضع أكثر من علامة استفهام عن سبب نزول الناس إلى الشارع في السابع عشر من تشرين!

في الانتخابات المقبلة، ستكون المنافسة بين الكتل النيابية نفسها، مسيحياً بين التيار العوني والقوات اللبنانية، وينضم إلى المنافسة المستقلون، من الذين دفّعهم اتفاق “أوعَ خيك” وقانون الانتخابات المفصل على قياس رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، ثمن نيابتهم.

في الشارع السني، يبقى تيار المستقبل، القوة الأبرز، وسيتنافس مع أخصامه التقليديين الذين سمح لهم القانون الانتخابي بالدخول إلى الندوة البرلمانية.

في الجانب الشيعي، سيبقى الثنائي القائم على تحالف حركة أمل وحزب الله، قادراً على حصد جميع المقاعد الشيعية ومعها نواب من طوائف أخرى بفعل القدرة التنظيمية الكبيرة للحزب، من جهة، وقدرته على توزيع الأصوات بما يضمن للثنائي فوز لوائحه، ومن جهة ثانية يشكل سلاح الحزب قوة ترهيب وردع لخصوم الحزب في مناطق نفوذه.

في الجانب الدرزي يبقى الحزب التقدمي الاشتراكي، القوة الأبرز، ومنافسه الحزب الدمقراطي بزعامة طلال إرسلان، غير قادر على إحراز أي خرق معتبر في مقاعد النواب الدروز من دون الاتكال على أصوات “حزب الله” والحلفاء.

أما ما يسمى “المجتمع المدني” فلم يستطع إثبات وجوده سوى عبر وجوه تطل على الشاشات تستخدم منطق إلغاء جمهور الأحزاب، وتخوينه، واتهام الأحزاب بالعمل على سرقة “ثورة” غير موجودة، ولم تنجز من الأصل.

في الجانب المسيحي، على الأرجح ستشهد الانتخابات المقبلة، نسبة اقتراع متدنية، كون الذين انفضوا عن التيار العوني، لأكثر من سبب، سيمارسون حقهم بعدم المشاركة في التصويت، فهؤلاء لن يبدلوا بندقيتهم، ويصوتوا للقوات اللبنانية المنافس التقليدي للتيار العوني، ولم يغرهم المجتمع المدني بقيادات بديلة، والمستقلون لا يشكلون بالنسبة لهم بديلاً مقبولاً عن بروباغندا التيار العوني بالوقوف في وجه ما يسمونه “الاقطاع السياسي”.

جمهور القوات اللبنانية يبقى الأكثر تماسكاً، والانتخابات ستكشف عن حجم ثبات القواتيين على مواقفهم.

المستقلون سيجدون فرصتهم في العودة إلى الندوة البرلمانية بفعل تراجع نسبة التصويت للتيار العوني، ما يعطيهم أفضلية في بعض الدوائر الانتخابية وهم سيحاولون إيجاد فسحة مقاعد انتخابية في صراع الديكة العوني – القواتي.

لذلك من المرجح أن تتراجع كتلة التيار العوني، بعدد محدود من النواب، بفعل الخيبة التي ضربت أنصاره، بعد تسلم التيار السلطة. في حين قد تحافظ كتلة القوات اللبنانية على عددها الحالي، وسيرتفع عدد النواب المستقلين من المسيحيين.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً