الطاقة جبران باسيل

الراجح
الراجح

من المشاهد المضحكة المبكية في لبنان رؤية صهاريج تجول الشوارع وعلى أطرافها عبارة “مياه نظيفة”، وحين سألت خبراء الحكي عن هذه الظاهرة، جاء الجواب أن كل الناس تشتري مياهاً!! على الرغم من أن السماء أمطرت كثيراً وأقفلت الشوارع وأغرقت البيوت!. بعد ذلك بدأت أقرأ في الصحف وأسمع من وسائل الاعلام كلاماً مخيفاً عن “مشكلة المياه” التي شرحها ومنذ زمن السيد ريتشارد مورفي بحيث توقع نشوب حرب – أو حروب – في الشرق الأوسط بسبب قلة المياه.

وبعدها أصبحت من متابعي قراءة كميات هطول الأمطار ونسبتها السنوية أو الشهرية بحسب “مرصد نقولا شاهين” بعد أن علمت وتأكدت أن المرصد الجوي الرسمي في لبنان والتابع لوزارة الطاقة “مش ولابد” ومَثَله كمثل الوزارة نفسها.

سألت احد الخبراء الصحافيين المتابعين للموضوع اذا كنا وراء قبرص في هذا المجال؟، فجاء الرد: “يا خيي، شو جاب لجاب”، في قبرص ثلاثة سدود يبلغ ما تجمعه من أمطار الشتاء ما يقارب مئة وعشرون مليار متر مكعب في السنة، اما نحن فحالتنا لا يعلمها الا جبران باسيل. اما الحقيقة فكانت عند المهندس الدكتور فادي قمير الذي كان رئيس مصلحة الليطاني وهذا قبل أن يصبح مديراً عاماً في وزارة الموارد المائية والكهربائية وقبل أن يستقيل من منصبه مؤخراً حين قال: “ان الثروة المائية السطحية والجوفية في لبنان تقدَّر في أحسن الحالات بنحو ثلاثة مليارات ونصف المليار متر مكعب سنوياً موزعة على القطاعات التالية: ري – مياه الشفة – واستعمال صناعي”. وأضاف في حديثه حينها الى “الوكالة الوطنية للاعلام”: “لكني أقول ان في لبنان هدراً بسبب توقف معظم المشاريع الانمائية، سواء في اطار مصلحة الليطاني أو في اطار المصالح الأخرى”.

وختم حديثه – الانذار – ولا بد من تدارك هذا الخطر بأكثر من وسيلة، وضمن هذا التوجه لا بد من اقامة شبكة سدود لأنها السبيل الوحيد لتفعيل المياه السطحية والافادة منها للري ولمياه الشفة. وبحسب الدراسات التقنية المتوافرة في الامكان انشاء ما بين 16 الى عشرين سداً في مختلف المناطق اللبنانية، وعلى سبيل المثال سد شبروح في كسروان، سد جنة في جبيل، وهذان السدان من أهم انجازات وزارة باسيل للطاقة حيث وقفا في وجه المياه كي لا تتسرب الى السدّين المنيعين. اما نصيحة قمير في بناء السدود والتي فهمها باسيل جيداً فبنى سدوداً في وجه الرقابة والقانون لمنعها من التدقيق في وزارة الاتصالات والشؤون الاجتماعية وغيرها من مراكز النفوذ وأهمها الوزارة التي تحمل اسمه الطاقة…

للتيار العوني الباسيلي المطالب بالبقاء الدائم في وزارة الطاقة مقتطفات من كتاب الاستقالة للمهندس فادي قمير:

“لما كانت الخدمة العامة شرف ومسؤولية وقد آليت على نفسي أن أحمل هذه الرسالة الوطنية التي نشأت عليها في كنف والدي اللواء الطبيب جورج قمير الذي هو من تلاميذ المدرسة الشهابية، حيث كان للكتاب والقانون اعتبار، هذه الركائز التي بنت لبنان الحديث ادارياً وعلى صعيد المؤسسات كافة”.

ولأن المهندس قمير خبير يمتلك علاقات دولية بصفته عضواً مؤسساً في الاتحاد من أجل المتوسط ورئيساً للشبكة الأورو – متوسطية لهيئات الأحواض المائية، وكذلك عضواً في أكاديمية المياه في فرنسا وأيضاً عضواً في أكاديمية علوم ما وراء البحار في فرنسا ومن ثم رئيساً للبرنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي في منظمة اليونيسكو في باريس وكان أول لبناني يتولى رئاسته، وبناء على كل ذلك وضع استراتيجية دولية للمياه للأعوام 2020 الى 2030، ختم المهندس قمير بيان أو بالأصح قرار استقالته قائلاً: “أشد على أيدي الشباب اللبناني الذين يطمحون الى بناء دولة ترعاهم أن يحملوا لبنان في وجدانهم وأن يعلوا مصلحته فوق كل اعتبار ويعملوا بموجب الدستور والقانون والمبادئ والمعايير والقيم الأخلاقية والوطنية”.

هل يحمل المطالبون بالاستمرار في وزارة “الطاقة” شيئاً من هذا؟؟

شارك المقال