متى ينتهي عهد الحكومات “المشوهة”؟

ياسين شبلي
ياسين شبلي

منذ 7 أيار 2008 المشؤوم ومن بعده إتفاق الدوحة، ولبنان يشهد ولادة حكومات “مشوهة” وبعمليات قيصرية، ناتجة عن حلول تفاهم “مار مخايل” الشهير بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” محل إتفاق الطائف ولو بطريقة غير معلنة ولكنها واضحة بالممارسة السياسية.

يمكن القول بأن ذلك اليوم المشؤوم كان بداية تنفيذ هذا التفاهم الذي أراد له واضعوه ونجحوا في ذلك عملياً أن يكون بديلاً لاتفاق الطائف من حيث طريقة تشكيل السلطة التنفيذية، وبدا إتفاق الدوحة يومها وكأنه وضع “المراسيم” التطبيقية له وذلك عبر إبتداع أعراف وممارسات ما أنزل الله بها من سلطان في العمل السياسي والدستوري، كمثل بدعة حيازة الثلث المعطل، ونكتة الوزير الملك السمجة، وما إلى هنالك من بدع لادستورية فرضت بقوة الأمر الواقع تحت ذريعة أنها موقتة الى حين إجراء إنتخابات جديدة كان موعدها قد حدد بعد عام تقريباً، وبأنها ضرورية لملء الفراغ الرئاسي الذي كان قائماً يومها بعد إقفال مجلس النواب لمدة سنة ونصف السنة على خلفية الخلاف حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وكان هناك أكثر من خطاب للأمين العام لـ “حزب الله” دعا فيه الى إجراء إنتخابات نيابية مبكرة و”اللي بيربح صحتين ع قلبو”، وهو الكلام الذي لم يتم الإلتزام به بعد إنتخابات 2009، التي أعادت الأغلبية يومها الى قوى 14 آذار، وذلك حينما بدأ الحديث عن شرعية سياسية وشرعية شعبية، بحيث كان هذا الحديث كافياً لاعادة الأمور إلى نقطة الصفر ويصبح كالعادة في لبنان كل موقت هو أمر دائم حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

اليوم وككل مرة كان فيها تكليف لتشكيل حكومة جديدة منذ إتفاق الدوحة، تظهر آلة التعطيل التي كان إسمها قبل 2016 تكتل “التغيير والإصلاح” برئاسة العماد ميشال عون، وباتت بعده تسمى تكتل “لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل، هذه الآلة جعلت مدة تشكيل الحكومة أكثر من عمرها بحيث تجاوزت مدة تشكيل بعضها التسعة أشهر، عدا عن أنها تولد بعملية قيصرية تنتج عنها حكومة مشوهة وليست قادرة على إنجاز شيء يذكر ما يجعل منها مجرد ديكور ولزوم ما لا يلزم. هذا الأسلوب الذي يتَّبعه جبران باسيل مدعوماً بمستشار القصر “السلطان سليم” طبعة 2016، التي جعلت اللبنانيين يترحمون على “السلطان سليم” الأول طبعة الخمسينيات في عهد الرئيس بشارة الخوري والذي لم يحظ على قوته وهو الشقيق، بما يحظى به الصهر اليوم من دلال وإيثار حد القول “لعيون الصهر عمرو ما يكون في حكومة”، هذا الأسلوب هو الذي أوصل الأمور في البلد إلى ما وصلت إليه، فالتعطيل بما هو ضرب للإنتاجية هو قمة الفساد الذي يضرب كل مناحي الحياة في البلد.

إن ما يحصل اليوم مع الرئيس نجيب ميقاتي في موضوع تشكيل الحكومة إنما هو تكرار لما حصل معه ومع أسلافه منذ إتفاق الدوحة الذي أدخل “التيار الوطني الحر” الى “جنة” السلطة بقوة السلاح الذي استعمل في الداخل في السابع من أيار، ليدخل لبنان معه إلى “جهنم” متعددة الطبقات والاختصاصات سواء في الكهرباء حيث تم صرف 45 مليار دولار في وزارة الطاقة وكل الطاقات من دون أي بصيص نور أو نقطة ماء في سدود مهجورة، أم في الاتصالات التي تولاها الوزير باسيل وما “خلوه” يعمل فيها إصلاحات سوى الإطاحة بمدير “أوجيرو” عبد المنعم يوسف بإتهامات باطلة برّأته منها المحكمة لاحقاً، إلى السياسة الخارجية التي لم نجنِ منها سوى رحلات سياحية إلى نيويورك في حين لم يبقَ لنا صاحب على هذه الكرة الأرضية. ومع أننا وصلنا إلى الطوابق السفلى لجهنم، إلا أن “حليمة” العونية مصرة على عادتها وهوايتها القديمة في التعطيل مع أنه “ما باقي بالقصر أكتر ما راح”، ولكن يبدو أن الشعار اليوم وعلى أبواب الرحيل هو القول المأثور “يا رايح كتر القبايح” وما أكثرها من قبايح عانى ويعاني منها لبنان منذ 14 عاماً بحيث لم يعد لدينا ما يقال إلا “الله يقرِّب البعيد”، لعل وعسى ننتهي من عهد الحكومات “المشوهة”.

شارك المقال