بيروت واحدة…

لينا دوغان
لينا دوغان

يختلفون على كل شيء ويتفقون عليكِ… أنتِ يا جميلة العواصم وسيدتَها اغتالوكِ، ذبحوكِ، فجروكِ، خرّبوكِ، أطفأوكِ وجعلوكِ عطشى، لكن من يبدو عليه العطش أكثر هم من يعود بهم الحنين الى أيام القنص والمتاريس، الى أيام الشرقية والغربية عبر طرح فكرة تقسيم بلدية بيروت الى بلديتين ونحن على أبواب الانتخابات البلدية والاختيارية ٢٠٢٣، والتي على ما يبدو فتحوا معركتها قبل أوانها من خلال العديد من التصريحات والمواقف…

ماذا يعني هذا الطرح ومن وراءه؟! قبل الولوج في تفاصيل الجواب لا بد من التوقف عند نقطة مهمة وهنا لست بوارد الدفاع عن عثرات رؤساء بلدية مدينتي، ولكن في الوقت نفسه لا أستطيع إلا أن أضيء على دور المحافظ وما له من أهمية بات يعرفها القاصي والداني في قرارات بلدية العاصمة. أما في ما خص الطرح فهناك حديث عن استقالات لأعضاء “القوات” و”التيار الوطني” من المجلس البلدي في خضم الانتخابات النيابية حيث كانت لتغريدة النائب غسان حاصباني الوقع الأكبر، وهو طالب وقتها بمجلس بلدي محلي لبيروت الأولى، إذ لا يريد كما قال بيروت الأولى بؤرة خلفية لبيروت… وعلى ما يبدو فقد نسي حاصباني أن كل ما حصل لبيروت ورُميت بها وعليها لم يكن منها ولا من أهلها، بمعنى آخر أهل بيروت الثانية لا يرمون أهلهم بموبقاتهم في بيروت الأولى حتى يطالب بما طالب به…

وتحت عنوان الإنماء وليس السياسة يطالب “الأخوان صحناوي وحاصباني” بتقسيم البلدية وعدم تقسيم العاصمة!! ومن باب تقصير البلدية بدورها يطالبان بالتقسيم ولكن ليس من منطلق طائفي فيكون لبيروت الأولى مجلس بلدي… في هذا الإطار لا يعتبر صحناوي أن هناك تنافساً بين “التيار” و”القوات” حول هذا الموضوع، مؤكداً الاستعداد للتعاون في ما بينهما إذا وُجدت الآلية… تمام إذاً طالما الهم هو بيروت وليس تقسيمها، والهم هو نظافتها وليس الطائفية، والهم هو المشاريع فيها والإنماء والمذنب الأول والأخير هو رئيس البلدية، فلماذا لا تعملون مثلاً على مشاريع قوانين تجيز إعطاء رئيس البلدية صلاحيات أكبر؟ لماذا لا تعملون على المساواة على الأقل بين صلاحيات المحافظ ورئيس البلدية؟ لماذا لا تعملون على تقليص صلاحيات المحافظ وإطلاق يد رئيس البلدية وحينها في كل ما سبق تنتخبون مجلساً بلدياً كما تريدون وتحاسبونه كما تشاؤون؟

وإذا كنا سندخل الى عمق الموضوع فإننا بديهياً سنحاكي الطرف السني فيه، فتقسيم بلدية عاصمتهم أمر استفزهم وأثار سخطهم خاصة أنهم يشعرون بالحزن على مدينتهم عموماً وعلى وسطها التجاري خصوصاً والذي له رمزية لديهم يذكرهم بالشخص الأحب على قلوبهم الذي كان له الدور في إعمار هذا الوسط الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذا الوسط الذي يصورونه اليوم وكأنه عاد الى أيام الحرب من أيادٍ غريبة عن مدينتهم عبثت به وجعلته خراباً. وطبعاً هذا الطرح وما يحمله من نوايا وخفايا سيزيد من أزمات أهل بيروت لا سيما السنة منهم وليس العكس كما صرح النائب حاصباني بأن الكثير من السنة في بيروت الأولى يؤيدون مشروع تقسيم البلدية… الأكيد أن هناك العديد من الأزمات والمشكلات التي تواجه بلدية بيروت، لكن المؤكد والذي أصبح ظاهراً للعلن يختلفون على كل شيء كلُّهم ويتفقون على كرههم لبيروت طائفياً، تقسيمياً وسياسياً.

شارك المقال