صمت “الوكالة الوطنية” موجع… والأمل معلق بالمكاري

راما الجراح

إحباط يسيطر على الاعلام اللبناني الذي لم يسلم من تداعيات الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعاني منها البلاد. أقفل العديد من وسائل الإعلام والصحف ودور النشر، بعدما كانت بيروت رئة العرب وملاذاً لكل الاعلاميين والمثقفين باعتبارها تعكس الوقائع السياسية في المنطقة وما يخطط من مشاريع وبرامج، ودخلت اليوم في السنوات العجاف مع إعلان الزملاء في “الوكالة الوطنية للاعلام”، المصدر الأساس والأول للاعلام اللبناني، البدء بالإضراب حتى تحقيق مطالبهم.

فقد أعلنت مجموعة متعاقدي شراء الخدمات في “الوكالة الوطنية للإعلام”، الإضراب، تقاعساً عن العمل باعتبار أنهم كغيرهم من المواطنين اللبنانيين يجاهدون ليلاً ونهاراً للحصول على أبسط مقومات العيش في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي حاصرتهم بحيث يتقاضى هؤلاء رواتب مقابل خدماتهم من دون عقود وظيفية، ولا يحصلون على بدل النقل، ولا على أي من التقديمات الاجتماعية التي يحصل عليها الموظفون الآخرون، ولا تزال رواتبهم في حدود المليون ليرة شهرياً.

وطالب مقدمو خدمات “الوكالة الوطنية”، في بيان، بتعديل رواتبهم بصورة تسمح لهم بالاستمرار بالعمل، لا سيما أن قيمة بعض العقود لا تتخطى مبلغ المليون ليرة شهرياً، كما تنظيم عملية تقاضي المستحقات شهرياً، معتبرين أنه لا يمكن أن ينتظر الموظف عاماً كاملاً للحصول على أتعابه في ظل الضائقة الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يشهدها وطننا.

وأسف وزير الاعلام زياد المكاري، في بيان، لفشل مساعيه في اختراق جدار الأزمة المستحكمة، وتلافي القرار المرّ، واعداً بأنه لن يوفّر جهداً لمتابعة المطالب المحقة والمقدسة للعاملين، والتي لا تتقدم عليها أي قضية. في السياق، أيّد نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي خطوة “الوكالة الوطنية للاعلام”، بإعلان الاضراب المفتوح إلى حين تحقيق المطالب التي تقدم بها الزميلات والزملاء العاملون فيها، معتبراً أن مطالبهم محقة ويجب أن تتحقق، نظراً الى الدور الكبير الذي تضطلع به الوكالة بفضل جهودهم وتفانيهم في العمل، ونجاحهم في جعلها المصدر الرئيس للأخبار في لبنان، حتى باتت مرجعاً لوسائل الاعلام اللبنانية، العربية والدولية على تنوعها.

المصري: لا يراهنوا كثيراً على ضمير السلطة

وعن تأثير الاضراب على نشر الأخبار ومصداقيتها عبر وسائل الاعلام، قال عضو نقابة المحررين في لبنان أيمن المصري: “على الرغم من قلة الامكانات المادية وضعف أدوات العمل، وعلى الرغم من تقدّم تجربة الاعلام الخاص عنها بأشواط، لا تزال الوكالة الوطنية للإعلام تحتلّ مكانة أساسية في دورة العمل الصحفي في لبنان، بحيث لا يمكن لمؤسسة إعلامية تتابع الشأن اللبناني العام، مهما كان توجّهها السياسي أو الحزبي، إلا أن تعود الى الوكالة كمصدر أساس للخبر، بمختلف أنواعه السياسي او الأمني أو الثقافي أو الصحي، وهذا ما يمنح هذه المنصة الاعلامية الرسمية قوة تجعلها خارج سياق المنافسة. فمن أبرز ما يميز الوكالة الوطنية أنها تتعاطى مع الخبر بحيادية مهنية، بعيداً عن الاصطفافات السياسية التي تنزلق اليها معظم مؤسسات الاعلام الخاص”.

وعن توقعاته بالنسبة الى جهود وزير الإعلام، أكد أنه لا يتوقع أن تثمر “لقناعتي بأن أصحاب القرار في الدولة لا يأبهون لأهمية هذا القطاع، وإلا لكانوا بادروا إلى معالجة المشكلة المزمنة في تلفزيون لبنان، إدارياً ووظيفياً”. ونصح موظفي الوكالة الوطنية بـ “ألا يراهنوا كثيراً على ضمير السلطة السياسية، فقد يؤدي الإضراب المفتوح إذا ما استمر إلى نتائج صادمة لنا وللموظفين. فمعظم مؤسسات البلد مشلولة، ولن يضر السلطة السياسية أن تزداد هذه المؤسسات مؤسسة. أنصحهم بأن يرتضوا الزيادات المقترحة، لاسيما أننا في مرحلة تصريف أعمال، مرحلة انتقالية حساسة جداً، لا تسمح بقرارات مفصلية ستفتح الباب على الحكومة من بقية مؤسسات القطاع العام”.

وأشار المصري الى أن “توقف الوكالة الوطنية للإعلام عن العمل ولو ليوم واحد ليس إقفالاً لمؤسسة إعلامية هنا أو هناك، بل هو إقفال للإعلام المهني الحيادي المتبقي في لبنان، وكي نكون موضوعيين، فان موظفي الوكالة محقون في مطالبهم، لكن هي ليست معاناتهم وحدهم، بل معاناة جميع مؤسسات الدولة، إلى جانب قسم كبير من القطاع الخاص”، معتبراً أن العلاج المرحلي بأن “يعاد النظر في نظم العمل المتبعة، لاسيما دوامات الموظفين، فنخرج عن الأنماط المعتمدة في ساعات العمل والإجازات والمكتسبات، فكما نجحت الجامعات وكثير من مؤسسات القطاع الخاص في تعديل آليات التعليم والعمل بعد الاجراءات القسرية التي فرضتها جائحة كورونا ينبغي لادارات هذا القطاع أن تتحلى بكثير من المرونة لتطويع نظم العمل لضمان استمرارية المؤسسة”.

شهاب الدين: نأمل الخروج بنتيجة إيجابية

وفي السياق، أكدت الاعلامية في “الوكالة الوطنية للاعلام” رنا شهاب الدين لموقع “لبنان الكبير” أن “الوكالة هي المصدر الرسمي للأخبار ونتمتع بالمصداقية في نقل الخبر، ونعمل بموضوعية ومهنية، ونعتبر صوت الناس من مختلف الأطراف، وللأسف هذا الصوت صمت، وهذا الصمت موجع للجميع، وبالأخص من ناحية الموظفين الذين ابتعدوا عن حياتهم المهنية قسراً بعد محاولتهم الاستمرار ولكن الظروف عاكستهم”.

أضافت: “كلنا أمل بجهود وزير الإعلام الذي وعدنا بالاستمرار في الوقوف إلى جانبنا، وأن تثمر نتائج إيجابية، وحتى يعلم الجميع أن الوكالة الوطنية ستبقى الصوت الأعلى الذي يمثل الجميع من دون استثناء، ونحن لا نزال خارج التوقعات بالنسبة الى مطالبنا، ونأمل أن تتحقق في أقرب وقت لأنها أساساً تعتبر حقوقاً وليست مطالب، وقد أصبحت بعيدة المنال ولا تتناسب مع حجم مسؤوليتنا المهنية والأخلاقية، فرواتبنا أصبحت زهيدة جداً، ولا يوجد لدينا مقابل بدل نقل في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى معاناتنا الكبيرة داخل الوكالة الوطنية وخارجها. لذلك نأمل أن نخرج بنتيجة إيجابية وواضحة بجهود معالي الوزير، وأن يكون لصوتنا صدى عند كل المسؤولين حتى تعود الوكالة منبراً ناجحاً ومفتوحاً للجميع”.

شارك المقال