ما الذي يحصل بين بوتين وأردوغان؟

حسناء بو حرفوش

مع احتدام الحرب على الجبهة الروسية – الأوكرانية، كان من المفترض أن تعكس رحلة فلاديمير بوتين الأولى خارج الاتحاد السوفياتي السابق، الكثير من القوة. بيد أن العكس هو ما حصل، حسب قراءة في موقع “ذا سبكتاتور” الأميركي الالكتروني، بحيث أصاب بوتين “نوع من الإحراج وهو ينتظر نظيره التركي رجب طيب أردوغان، أمام كاميرات التلفزيون، خلال قمة عقدت في إيران هذا الأسبوع، فهل يعني ذلك تداعي سمعة الزعيم الروسي؟”.

ووفقاً للتحليل، “على الرغم من أن ميزان القوى قد تغير على ما يبدو، يقول مسؤولو المخابرات الأميركية إن أحد أسباب تواجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران هو للتوسط في صفقة لشراء “مئات” المسيرات الهجومية الإيرانية، والتي لم تتمكن روسيا من تصنيعها محلياً. واستخدمت أوكرانيا المسيرات بفاعلية ودمرت مئات الدبابات الروسية وأمطرت بها ساحات المعارك. بالتالي، تدين كييف بتفوقها التكنولوجي إلى تركيا، التي زودتها بالعشرات من المسيرات منخفضة التكلفة وعالية التقنية من طراز “بيرقدار” (Bayraktar TB2) والتي اكتسبت سمعة مخيفة في الحرب.

ولعبت تركيا منذ بدء القتال، دوراً رئيساً في تأرجح ميزان القوى في ساحة المعركة، لكنها لم تطرح أي موضوع متعلق بالضربات حول طاولة المفاوضات. واستضافت أنقرة محادثات السلام الجوهرية الوحيدة التي عقدت حتى الآن، ودعت موسكو إلى إبرام اتفاق وإنهاء القتال. كما أنها ساهمت في استقرار الوضع على خلفية الحصار المفروض على موانئ الحبوب الأوكرانية التي شهدت ارتفاعاً حاداً في أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء أوروبا ومعظم أنحاء أفريقيا.

وعلى الرغم من كونها عضواً في الناتو، دفعت روابط تركيا الوثيقة تاريخياً مع روسيا الكثيرين الى التساؤل عن الجانب الذي تدعمه حقاً. ولكن مع وجود استثمارات بالمليارات في أوكرانيا والتقارير حول الصادرات من روسيا إلى تركيا، لا يبدو أن الرئيس التركي أردوغان قلق كثيراً بخصوص ترك انطباع جيد لدى بوتين.

وتستغل أنقرة روسيا وبقية العالم أيضاً في أوكرانيا بطرق أخرى. وقد دعمت حليفها الوثيق، أذربيجان، ضد أرمينيا في منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها، حيث نشرت قوات حفظ السلام الروسية للحفاظ على الوضع الراهن. وفي شمال غرب سوريا، تمضي تركيا قدماً في هجوم جديد على الرغم من اعتراضات الكرملين، الذي يدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

وشكلت زيارة بوتين الى إيران جزءاً من محاولة لإظهار أن موسكو ليست معزولة على المسرح العالمي، وأنها لا تزال تحظى باحترام خارج الغرب. ولكن في الواقع، تجد روسيا أن عدداً أقل من شركائها السابقين مستعدون لعقد صفقات، بعد أن رفضت الصين وعدد من دول آسيا الوسطى مساعدتها في التغلب على العقوبات المفروضة منذ بدء غزو أوكرانيا. وفي منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الشهر الماضي، اتضح أن قائمة أولئك الذين يمكن اعتبارهم أصدقاء بوتين تتضاءل سريعاً. وخلال تصويت في الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام، صوّتت أربع دول أخرى فقط ضد اقتراح يدين العدوان الروسي، هي بيلاروسيا وكوريا الشمالية وإريتريا وسوريا. وبصفته شريكاً تجارياً رئيساً له صوت داخل الناتو، لا يستطيع الكرملين تحمل تداعيات الانقسام مع أردوغان، وليس لديه خيار سوى السماح له بالحصول على ما يريده من البحر الأسود إلى القوقاز.

ومع ذلك، لا يمثل نفوذ تركيا المتزايد مجرد مشكلة لبوتين، إذ يظهر التهديد بمنع انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو الشهر الماضي، ما لم تتفق الدولتان على صفقة بشأن تسليم “الإرهابيين” الأكراد المزعومين، أن التأثير يقطع في كلا الاتجاهين. ومن باب العزم على شق مسار وسط بين الشرق والغرب، يطمح هؤلاء الى إرضاء أردوغان في الوقت الحالي”.

شارك المقال