بعلبك محكومة بـ”شريعة الغاب”… وحاميها حراميها

آية المصري
آية المصري

انها مدينة بعلبك، التي كان يمتاز شبابها بنخوتهم ورجولتهم، وباتوا اليوم مصنفين في خانة تجار المخدرات والممنوعات والخارجين عن القانون والخاطفين مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة. هذا التصنيف بالمطلق معيب لأن بعلبك لديها الكثير من شبابها المتعلمين والمثقفين ولا يجوز أن تلصق بهم هذه الصبغة، ولكن في المقابل ما يحدث في المنطقة وعملية الخطف لقاء الفدية، وإطلاق النار العشوائي والقذائف اليومية المتتالية والتهديدات العلنية باتت تخيف الجميع وتهدد أمن المنطقة واستقرارها.

في آخر فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظهر تاجر المخدرات أبو فيصل زعيتر وهو يهدد ويعتبر نفسه “أكبر تاجر مخدرات على رأس السطح وعلناً ومش متخبي”. وقال: “رح خلّي بعلبك طول ما أنا عايش تعتاش على المخدّرات. والآن أبلّغ أهالي بعلبك والجوار، يوميّاً رح تنضرب مطارح ببعلبك والأمن مش رح يستتبّ. أنا أبو فيصل زعيتر كلامي متل حدّ السيف، ويسترجي حدن يواجهني”. وعلى الرغم من ذلك، لم نر أي جهة مسؤولة سارعت الى التعليق على هذا الكلام أو الى القاء القبض عليه أو التصرف بمسؤولية، وكل ذلك نتيجة الغطاء السياسي والشرعي الذي يحمي أبو فيصل وغيره من التجار. وهنا لا بد من تقديم الشكر الى الثنائي الشيعي الذي يسعى دائماً الى إظهار بعلبك بهذه الصورة التي لا تهاب القانون. اما بالنسبة الى إطلاق النار بصورة متواصلة فهو بمثابة “ميّزة لبعلبك تعبّر عن رجولية أهالي المنطقة”، بحسب مصادر تابعة لأحد الأحزاب.

ومن البديهي أن لا تنتهي الأحداث في بعلبك، خاصة وأن البعض يعتبر إطلاق النار ميزة بعلبكية، وما حدث مساء الأحد الماضي لم يكن في الحُسبان، فقد وصلت الأمور الى خطف رجل سعودي تحت حجة بيعه قطعة أرض وتم إستدراجه الى إحدى تلال بعلبك ليعمد خاطفوه لاحقاً الى طلب فدية مالية مقابل إسترجاعه. وعلى الفور عمدت الأجهزة الأمنية الى القيام بعمليات دهم لمنازل في منطقة الشراونة، فماذا عن تفاصيل الحادثة؟ وهل فعلاً تم خطف السعودي؟

في حديث لموقع “لبنان الكبير” أكد محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر أن “التقارير الأمنية الموجودة لدينا لا توجد فيها أي معلومة تؤكد أو تنفي حقيقة خطف مواطن سعودي في بعلبك، وبعد تواصلي مع مختلف الأجهزة الأمنية تبيّن أنها لا تملك معطيات بشأن السعودي المخطوف ولا يوجد إسم أيضاً لهذا الشخص ولم يقم أحد بعملية الإبلاغ. اضافة الى أنه لا وجود لأي جهة خاطفة قامت بالاعلان عن الخطف أو طالبت بأي فدية مالية حتى هذه اللحظة”.

وأوضح خضر أن “المداهمات الصباحية الباكرة لحي الشراونة صحيحة مئة بالمئة بحيث تم دهم منازل لآل جعفر نتيجة سوابقهم في موضوع الخطف بحيث كانوا قد خطفوا شخصاً سوري الجنسية، وهذه المداهمات عبارة عن إستباق للأمور في الأماكن التي يرجح أن يخطف إليها في حال التأكد من هذه العملية”.

اما الشيخ عباس الجوهري فلفت الى أن “لا وجود لأي تفاصيل حول ملابسات عملية الخطف التي حصلت يوم الأحد في بعلبك، ولكن هذا النوع من العمليات يضر بمصلحة بعلبك وأهلها وسمعتها، كما أن عمليات الخطف تضر بلبنان عموماً والجيش والقوى الأمنية لن يتوانوا عن القيام بواجباتهم المطلوبة”.

واعتبر الجوهري أن “فيديو أبو فيصل زعيتر عبارة عن تصرفات خارجة عن القانون لا بد من وضع حد لها، ويجب على الدولة أن تقوم بمهامها اللازمة”، مشيراً الى أنه “بعد عملية مداهمة أبو سلة السابقة وضع حد كبير للخارجين عن القانون والمطلوبين للعدالة. ومسؤولية الجيش اللبناني قمع هذه الظواهر غير الطبيعية والمضرة ببعلبك، وعندما يشعر الفرد أنه فوق القانون وقادر على حماية نفسه وفخور بأعماله التي يقوم بها ويعترف بها علناً كل هذا يجعله يفكر في التمادي ونشر هذ النوع من الفيديوهات، وعلى الدولة توقيف هؤلاء التجار وغيرهم”.

يبدو أن مصير مدينة بعلبك سيبقى رهناً بيد هذه الجماعات المخربة التي لا تهاب الدولة ولا تعترف بالقانون والدستور، ومصير البلعلبكي البقاء في هذه الدوامة التي لا تنتهي. ويجب على الدولة القيام بواجباتها لحماية الشعب الذي يحترم القوانين والقبض على تجار المخدرات الذين يسرقون ويقتلون ويعيثون فساداً، ولتحقيق هذه الأهداف يجب إزالة الغطاء الشرعي عنهم.

شارك المقال