ميشال سماحة خارج القضبان

رامي عيتاني

مع بداية شهر آب، الخبر سوف يثير الغضب من جريمة لم تقع لكنها لا تزال عالقة في الوجدان، وهي لو حصلت لكانت المأساة حلت بفقراء طرابلس وجموع المصلين في شهر الصلاة والعبادة… جريمة ميشال سماحة تعتبر الجريمة المنظمة، كانت هادفة ومدروسة، اغتيال الشارع السني بأدوات لبنانية رخيصة وتخطيط هادف للنظام السوري، هذه الجريمة لا إطلاق سراح فيها بل الحكم عليها بات في ميزان الرأي العام وعدالته… ولن تستريح النفوس ولن تهدأ ما دام العقل في الادارة السورية الحاكمة المدبر لهذا الفعل الاجرامي فالتاً من العقاب. جريمة مذهبية واضحة البصمات والأهداف، أقلية قتلت وهجرت الأكثرية الساحقة في الداخل السوري وحاولت أن تكمل مسلسلها الاجرامي في طرابلس المحافظة المرابطة على ثغور المتوسط، لكن الله بعنايته أنقذ المدينة من المجزرة التي تحاكي باجرامها مجازر دير ياسين وجنين وسائر المذابح في فلسطين المحتلة.

والرواية تبدأ من هنا: الحرفية العالية التي تتمتع بها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتحديداً اللواء الشهيد وسام الحسن الذي شعر بالحدس الأمني ومن الاتصالات الهاتفية لسماحة أن أمراً خطيراً سيحصل في الداخل اللبناني، وبسرعة فائقة الذكاء وقع سماحة في الفخ الذي نصبه الشهيد الحسن، اعترف بما خطط ورسم لتنفيذ الجريمة مستعيناً بالأدوات السورية، متفجرات وصواعق وحمولة سيارة تفي بالاجرام الذي خطط له السوريون بواسطة عميلهم سماحة.

الملف الذي يدين سماحة بات جاهزاً بالصوت والصورة مع الوقائع المقززة الخالية من الرحمة والانسانية. مع المشهد الذي أثار اشمئزاز اللبنانيين عندما كان يعطي تعليماته مرفقة بعبارات “شيلو” وهو في منتهى النشوة يلتهم الصبار، الفاكهة الصيفية اللذيذة التي اعتراها القرف من هذا المشهد المقرف. حمل اللواء الشهيد الملف وجال به على بعض القيادات اللبنانية طارحاً قراره بضرورة توقيف ميشال سماحة، القرار كبير لكن إصرار الحسن وتردد معظم القيادات دفعا باللواء إلى عرض الملف بالكامل أمام رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي سارع الى اعطاء الموافقة الفورية على اعتقاله وتوجيه الاتهام أيضاً إلى محركه السوري اللواء علي المملوك. جرأة سليمان أراحت الحسن الذي كان مصراً على الاعتقال مهما كانت التداعيات. وهكذا أطبق فرع المعلومات على المطلوب ميشال سماحة ونقله مخفوراً الى السجن وسط صمت مطبق لفريقه السياسي في ٨ آذار الذي أدرك جيداً مدى متانة الملف ومصداقيته.

خرج ميشال سماحة في المرة الأولى بعد الحكم المخفف لكن استئناف الحكم وإصرار الفريق المتضرر على ضرورة أن ينال الجزاء العادل، أعادا المحاكمة وصدرت الادانة مجدداً بضرورة سجنه ١٣ عاماً.

قريباً سيخرج… فهل سيخرج إلى الحرية أم سيبقى عالقاً في الادانة لجريمة لن تغتفر؟ السؤال يليه سؤال آخر: هل يصمت ميشال سماحة أم يستأنف نشاطه السياسي؟ لنعود ونسمع مداخلاته الاستفزازية عندما يذكر أحد الأئمة ويعقب عليه بعبارته الملونة: دام ظله… نموذج نادر في المسيرة الملونة من كتائبي النشأة إلى سوري في الكبر إلى سوري إيراني المنتهى.

شارك المقال