هل تقع طرابلس في قبضة أردوغانية؟

إسراء ديب
إسراء ديب

حصل ما كان متوقّعاً، و”فرطت” بلدية طرابلس ولو بصورة غير مباشرة، بعد حجب الثقة عن رئيس بلديتها رياض يمق بـ 14 صوتاً، عقب جلسة عقدت في مكتب محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا الذي يكرهه معظم الطرابلسيين، بحضوره شخصياً هذه الجلسة في سرايا طرابلس الحكومية.

وواجهت هذه الجلسة، انتقادات لاذعة ارتبط أبرزها بالعتب الكبير على أعضاء المجلس البلدي لوقوفهم ضدّ ابن مدينتهم لسحب الثقة منه، في وقتٍ ندّد مواطنون بالتقاط الحاضرين صورة مشتركة مع نهرا “الذي هلّل وفرح بالتأكيد مع هزيمة حقّقها ضدّ ابن المدينة التي يكرهها”، وفق ما يقول أحد المتابعين لهذا الملف لـ “لبنان الكبير”.

ويواجه يمق، الذي اتجه إلى الطعن بالجلسة التي عقدها المحافظ وبقرار سحب الثقة منه، منذ تسلّمه رئاسة هذه البلدية التي لا يُمكن الاستهانة بها، سلسلة من الملفات والقضايا التي اتهم بارتكابها، وهي ملفات كان عرضها أعضاء من المجلس المعارضين لادارته بمختلف الوسائل الإعلامية والقانونية، وأدّت في نهاية المطاف إلى إحالة وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، رئيس البلدية إلى النيابة العامة المالية منذ فترة وجيزة، وصولاً إلى القرار الأخير والذي رآه حتّى الأعضاء المعارضين له ولممارساته، أنّه “كان يُمكن أن يستجيب معنا بدلاً من تفرّده بقراراته التي اتخذها بعيداً عن المجلس، ومهما كثرت المعارضة ضدّه، لم يكن ليستجيب معنا أبداً”، وفق ما يقول أحد أعضاء المجلس لـ “لبنان الكبير”.

في الواقع، تعيش هذه البلدية حالة من التخبّط ازدادت منذ آب العام 2019، أيّ منذ استلام يمق رئاسة البلدية، وهي ليست المرّة الأولى التي تُواجه فيها البلدية هذا الانقسام الذي حدث بين الأعضاء والرئيس، “لكن لم يمرّ رئيس على طرابلس كالدكتور، وذلك لأن إنجازاته في هذا الميدان صفر حرفياً مقارنة بغيره من الرؤساء”، فيما يُشير متابعون إلى أنّ “الاتهامات تبقى باطلة الى حين إثباتها، والمتهم بريء حتّى تثبت إدانته”.

جلسة تشاور؟

يرى العديد من الخبراء أنّ اللقاءات يجب أن تبدأ بين الأعضاء سعياً إلى التوافق على اسم رئيس للبلدية، لكن وفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ 12 عضواً من البلدية اجتمعوا منذ أكثر من شهر في أحد المطاعم، وسئلوا في هذه الجلسة عمّن يرغب في ترؤس البلدية، ليعرض ثلاثة أعضاء أنفسهم لها، وهم: أحمد قمر الدين، نور الدّين الأيوبي وخالد تدمري. كما يتمّ التداول في أسماء لمنصب نائب الرئيس وهي أيضاً ثلاثة: سميح حلواني، أحمد المرج وتوفيق العتر.

وتُشير معلومات أخرى إلى احتمال طرح اسم باسم بخاش لرئاسة البلدية، ولا تستغرب أوساط طرابلسية احتمال توجه المزيد من الأعضاء إلى إعلان رغبتهم في تولّي المنصبين، لكنّ الأساس هو التوافق على اسم واحد تتفق عليه أكثرية الأعضاء، كيّ تستمر الحياة البلدية التي يُقال انّها ستكون لـ 7 أشهر قبل الاستحقاق البلدي، “لكن الحقيقة أنّها ستمتدّ أكثر من عامين أو ثلاثة”.

أمّا عن المرشح الأكثر حظاً، فتلفت المؤشرات إلى احتمال ترؤس تدمري للبلدية، “وهو يحمل الجنسية التركية، ولديه علاقات متميّزة مع تركيا وكذلك المملكة العربية السعودية، كما يُبدي حماساً للوصول إلى الرئاسة”، فيما تشير معطيات أخرى إلى أنّ علاقته لا تُعدّ جيّدة مع الأعضاء كافة. ويقول مرجع طرابلسي لـ “لبنان الكبير”: “تدمري كان سبباً غير مباشر في الإساءة الى البلدية، فمن يذكر مشروع مرآب التل الذي كان قد تسلّمه المتعهد جهاد العرب وكلّف ما يُقدّر بـ 17 مليون دولار؟ أفشل تنفيذه بسبب تدخله بعدما أقنع الطرابلسيين بهبة تركية تصل إلى 50 مليون دولار لإقامة السرايا التركية حيث كان سيُقام المشروع في التل، فشدّ عصب المجتمع المدني العاشق للعثمانية، فأفشل المرآب، كما لم يُنفذ مشروعه ولا أيّ مشروع بديل، ما أفقدنا أموالاً طائلة بعد أخذ المتعهد تعويضاً عن العطل والضرر 5 ملايين دولار، عدا عن الدراسات التي كلّفت آلاف الدولارات، لكن المفارقة أنّ السفير التركي حين سألناه لم يكن يعلم بالمشروع أساساً”.

ويُضيف المرجع: “خلال 6 أعوام، كان تدمري مع سميح الحلواني، زاهر سلطان وأحمد القصير هم الأقلّ حضوراً بين الأعضاء بالمستندات والأدلة التي كان يُشير إليها يمق في مؤتمره الأخير”. ويعتبر أنّ تدمري “لا يُسجّل حضوره إلّا لطلب ما يوافقه أو يُعارضه”.

وتُفيد المعطيات بأنّ أعضاء المجلس تلقّوا اتصالاً للذهاب إلى مخفر التل، للتوقيع على عريضة أو ورقة تلفت إلى تبلغ الأعضاء بالجلسة التي ستنعقد تحديداً يوم الاثنين المقبل لانتخاب رئيس جديد ونائب للرئيس، ما اعتبره البعض إهانة من المحافظ لبلدية طرابلس. فيما رأى آخرون أنّها رسالة إلى يمق بـ”عدم الاكتراث” بطعنه القانوني، “وذلك بتذرعهم بمجموعة من القوانين والتبريرات التي يرونها محقّة ضدّه”، مع العلم أنّ المجلس قد يكون انقسم على نفسه إلى مجموعات منها ما يعدّ مناصراً ليمق، ومنها ما يعدّ معارضاً له، ومنها ما يرى أنّه يُريد مصلحة المدينة مع غياب المشاريع الإنمائية التي تحتاجها في الفترة الأخيرة.

تفاصيل

وفي حديثٍ مع العتر، الذي لم يحسم بعد قراره لتولي هذا المنصب، يُؤكّد أنّ يمق هو من أوصل نفسه إلى هذا القرار، نتيجة تراكمات جمّدت العمل البلدي. ويقول: “إنّ معظم من كان يُناصره في المجلس، بات يُعارضه وقد حضر معنا الجلسة بعد تأكّده من أنّ يمق قد تجاوز القوانين لعدم درايته بها وبكيفية تنفيذها بالصورة الصحيحة، فلا يُمكن لأحد أن يُطلق عليه شائعات تطعن بمصداقيته شخصياً، لكنّه يُخالف القوانين بحيث لا يدري ويتفرّد بقراراته بعيداً عن المجلس ويرتكب مخالفات عدّة”.

وعن جلسة الانتخاب، يوضح أنّ “الجلسة الأولى يجب أن يكتمل النصاب فيها للتصويت وفق الأكثرية المطلقة بـ 11 عضواً من 20، فإذا لم يحصل العضو عليها، يحدث تصويت آخر نسبيّ، ومن يحصل على النسبة الأكبر ينال المنصب”.

بدوره، يقول الأيوبي لـ لبنان الكبير”: “لا أسعى كثيراً الى هذا المنصب، لكّني الوحيد الذي أملك رؤية متكاملة، من معالجة للوضع الداخلي، الخارجي والمالي مع الرؤية التنموية التي لا يُمكننا الاستمرار من دونها”. ويؤكد أنّه حزين على يمق “لأنّه كان يسير بشعبوية تسبّبت بمخالفته القوانين من دون دراية بالنتائج المترتبة على ذلك”، معتبراً أنّ طرابلس محرومة وتحتاج إلى شخص توافقي في البلدية، “ونحن لا نريد استبدال أحد بآخر، بل نريد تثبيت رؤية العمل الجماعي وأهمّيته في النجاح على النطاق البلديّ”. ويوضح أنّه كان خارج طرابلس حينما تلقّى اتصالاً من المخفر لاعلامه بالجلسة، “فتبلّغت شفوياً، لكن الخميس سأكون قد تبلّغت رسمياً للتوقيع”.

شارك المقال