مستقبل أوروبا في عالم متغير: النفط مصدر قلق كبير

حسناء بو حرفوش

كيف يبدو مستقبل أوروبا في ظل التغيرات العالمية المتسارعة وخصوصاً في ما يتعلق بملف الطاقة؟ تحليل في موقع “آسيا تايمز” يحذر من أن “خطوط الأنابيب تبدو وكأنها تتجه نحو الشرق وليس الغرب”. ووفقاً للمقال، “لفت رئيس الوزراء المجري إلى أن الاقتصاد الأوروبي يلهث للنجاة فهل ذلك ثمرة سوء تقدير؟ على مدى 20 عامأ، كان الجميع عالقين في دوامة البحث في سياسة المناخ، ولم يركز كثر على أهمية الطاقة والكفاءات فيها، مع الإشارة إلى أنه في مجال الطاقة، لا يتعلق الأمر بشراء السلعة فحسب، بل بوسائل نقلها من سفن ومحطات.

ولطالما كان من المعروف أنه لا يمكن استبدال السلع التي تأتي من الاتحاد الروسي (الفحم أو النفط أو الغاز أو اليورانيوم أو غيرها من المواد النادرة التي تحتاجها أيضاً لقطاع الطاقة المتجددة) بسهولة، بل يستغرق الأمر بعض الوقت. وفي حالة الغاز، يستغرق استبداله حوالي ثلاث إلى خمس سنوات.

ولا يتعين على المتابع أن يتمتع بخبرة حقيقية في مجال الطاقة ليعرف أن العملاء الحاليين في الشرق حجزوا الغاز الطبيعي المسال بالكامل، وقد رأينا أزمة الغاز بين نيسان وتشرين الثاني 2021 التي كانت موجودة بالفعل في العالم. وفي العام الماضي، اتجهت سفن الغاز الطبيعي المسال من قطر وأميركا الشمالية وتلك الموجودة في روتردام والموانئ الأوروبية الأخرى شرقاً، لأن العملاء الآسيويين دفعوا ببساطة سعراً أفضل.

تضاف إلى ذلك مشكلة المركزية الأوروبية المتجذرة بعمق، بحيث يعتقد الأوروبيون أنه لا يمكن الاستغناء عنهم. وقد تجاوز سعر الغاز في أوروبا 2000 دولار أميركي لكل 1000 متر مكعب لأول مرة منذ بداية شهر آذار فهل تواجه القارة قريباً موجة كاسحة من الاضطرابات الاجتماعية التي ستؤثر بصورة كبيرة على مشاهد أوروبا السياسية المختلفة؟ الإجابة هي نعم. وبالعودة إلى التاريخ، طوال القرن التاسع عشر، كان الأمر دائماً يتعلق بالقضايا الاجتماعية، وانهارت الإمبراطوريات لأنها استخفت بالمسألة الاجتماعية. ولا تدور ثورات اليوم حول “البحث عن الخبز اليومي”، بل يتعلق الأمر بـ “البحث عن السيارات للحاجة اليومية”، و”الحاجة من الطاقة اليومية”، و”التزود بالبنزين اليومي بأسعار معقولة”. وقد رأينا ذلك مع حركة السترات الصفر في خريف العام 2018، مما أثار حالة من عدم اليقين الهائلة للحكومة الفرنسية.

وكان الفرنسيون أول من تحرك طوال العام الماضي لمعالجة التعريفات بطريقة ما لوضع جميع أنواع التسوية لأنهم ما زالوا يشعرون بالضغط الذي عانوا منه من حركة السترات الصفر، والتي استمرت أشهراً عدة. وكنا نعتقد أن ارتفاع الأسعار جنباً إلى جنب مع التضخم سيظل تحت سيطرة المواطن العادي. لكن ما حدث وسيحدث الآن، بالنظر إلى سوء الادارة الحالي (يقال إنها أزمة محلية الصنع، لا سيما من قبل الألمان والنمساويين)، وبينما يمكن للأوروبيين توجيه الغضب في صناديق الاقتراع، يبقى القلق كبيراً من تسلل اليأس إلى نفوس الأوروبيين”.

وتتزايد المخاوف من ملف الطاقة أكثر فأكثر مع اقتراب فصل الشتاء والذي يتزامن مع ارتفاع الطلب على الوقود للتدفئة وبالتالي ارتفاع أسعار الطاقة بالتوازي. وتخشى آلاف الأسر عدم القدرة على تكبد تكاليف الفصل البارد عدا عن القدرة التي تتقلص على تحمل التكاليف اليومية في ظل مستويات التضخم القياسية والتاريخية.

شارك المقال