بين محكمة دولية ومحلية

لينا دوغان
لينا دوغان

٤ آب كان يوماً عادياً من يوميات البيروتيين وهم المنهكون أصلاً بيوميات ليست عادية بدءاً بالأزمة الاقتصادية التي بدأت تشتد في تلك الفترة مروراً بالأزمة المزمنة ألا وهي الكهرباء وليس آخراً وضع البلد المتأزمِ أصلاً في مرحلة حكم عقيم، إلى أن قاربت الساعة السادسة وثماني دقائق بتوقيت العاصمة، وإذ بحريق ودخان وانفجار صغير وما هي إلا ثوانٍ قليلة حتى دوى الانفجار الكبير، إنفجار غيّر وجه بيروت وواجهتها… إستهدف المرفأ وكل المنطقة المحيطة به مخلفاً أكثر من مئتين وثمانية عشر شهيداً وأكثر من سبعة آلاف جريح نتيجة احتراق كمية من نيترات الأمونيوم كانت مخبأة في أحد العنابر.

هذا الانفجار الذي عُرف ببيروتشيما وكثالث انفجار في العالم وسُمع دويه في قبرص، دمّر كل واجهة بيروت البحرية ونصف المدينة، واستنفر بطبيعة الحال كل الأطراف الداخلية والخارجية لمواجهة الكارثة وبالتالي إجراء تحقيق لمعرفة ملابسات هذه الجريمة.

طبعاً بدأت التحقيقات ومرّ عامان ولم يصل أهالي الضحايا لا الى تحقيق العدالة ولا الى الحقيقة.

عامان والتحقيق يراوح مكانه من لجنة خبراء أممية كشفت وطالبت بالعدالة وإجراء تحقيق دولي، الى مطالبة محلية بتحقيق دولي من الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط وغيرهما وهذا ما تم رفضه أولاً من رئيس الجمهورية ومن يدور في فلكه بحجة حماية السيادة .

وبدأ التحقيق المحلي بعد إحالته على المجلس العدلي وبدأ معه المد والجزر السياسي من تعيين القاضي فادي صوان، وقتها بالكاد أعطى القضاء معلومات عن تحقيق القاضي والباقي كان تسريبات إعلامية لا يُبنى عليها، ليعود التحقيق ويسلم الى قاضٍ آخر وهو القاضي طارق البيطار الذي أعلن العام الماضي توقفه عن التحقيق بفعل توالي دعاوى الرد ضده.

وهنا الحديث عن الفارق بين التحقيق الدولي والتحقيق المحلي، الذي وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية وعدد من الجمعيات القانونية الدولية مجموعة من العيوب الاجرائية والمنهجية فيه أهمها التدخل السياسي الصارخ والواضح والحصانة وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة.

وعدنا الى المربع الأول وهو المطالبة بتحقيق دولي يبدو أنه السبيل الوحيد لإحقاق العدالة بعيداً عن التسييس.

وعد الرئيس ميشال عون بتحقيق شفاف في أسباب الانفجار والوصول الى الحقيقة وتحقيق العدالة في هذا الملف، إلا أن التحقيق بحد ذاته فجّر الوضع السياسي والحكومي واصطدم بألغام لبنان السياسية والطائفية.

تعطل التحقيق وبعد مضي عامين على الانفجار تُراوح معرفة الأسباب مكانها، وتحت شعار “لن ننسى ولن نسامح” عاد الأهالي في الذكرى الثانية على الجريمة ليطالبوا بالعدالة والحقيقة وأيضاً بتحقيق دولي بعد أن ميّع التحقيق المحلي الحقيقة وأفسد العدالة وحوّل كل الملف عن مجراه القانوني الطبيعي.

شارك المقال