وقاحة “محور الممانعة”… في انتهاك السيادة

آية المصري
آية المصري

ليست المرة الأولى التي يضرب فيها “حزب الله” سيادة الدولة اللبنانية من خلال خطابات أمينه العام السيد حسن نصرالله أو نائب الأمين العام أو نواب كتلته. والغاية من هذه التصريحات والنبرة العالية القول بأنهم أسياد هذا الوطن، والغريب أننا لا نرى أي مسؤول في هذه السلطة يقف في وجه “حزب الله” ويقول موقفه بصورة واضحة وعلنية، وهذا ما جعله يطمع ويتمادى في أسلوبه أكثر من السابق. وكأن الحزب لا يكفينا حتى جاءت إيران لتعلن عبر كوادرها عن مواقفها واستخدام التصعيد أكثر بحيث حذر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل قاآني من أن “حزب الله” يخطط لتوجيه آخر ضربة الى إسرائيل من أجل إزالتها من الوجود في الوقت المناسب.

كل هذه المواقف تؤكد أن الوقاحة عند “محور الممانعة” لا مثيل لها. والسؤال: أين رئيس الجمهورية من كل ما يحدث؟ وهل لم يعد هناك مسؤول يقف في وجه هذا التمادي؟ وماذا عن هيبة الدولة اللبنانية وسيادتها؟

في البلد هناك تسليم واضح وشبه معلن بأن القضايا الاستراتيجية بيد “حزب الله” سواء في الموضوع الاسرائيلي أو غيره، والدولة اللبنانية تنفذ تعليماته وتوجيهاته، ولا تملك حداً أدنى من الاستقلالية سواء في ملف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل أو في الملف السياسي الخارجي المتصل بالموضوع الايراني أو أي موضوع لديه علاقة بالسياسة الدفاعية أو السياسة الأمنية، بحسب ما رأى المحلل السياسي علي الأمين. وقال لموقع “لبنان الكبير”: “من الواضح وجود تسليم ونوع من التقبل لهذا الشق، والواضح أن هذه المنظومة الحاكمة باتت تعلم أن وجودها في هذه السلطة رهن قرار حزب الله، وبالتالي طالما أنهم يدعمونه ويتبنون خياراته ويتماشون معه في كل ما يريد، طالما هم موجودون في السلطة وهذا بات واضحاً جداً”.

اما بالنسبة الى التصعيد الإيراني، فاعتبر الأمين أن “ليس هناك تصعيد بالمعنى الذي يدفع بإتجاه الحرب أو المشكلات، بل هذا تصعيد إيراني كلامي، وكل فترة يطل مسؤول إيراني ويخبرنا بأنهم في سبع دقائق يقضون على إسرائيل، أو أن حزب الله سيقضي عليها في الوقت المناسب. وفي المقابل رأينا ضربات متتالية لإيران ولحزب الله في سوريا، ورأينا قتل خبراء وتفجيرات داخل إيران من قبل إسرائيل ولم نر أي ضربة جديّة وحقيقية لها، وكل هذا عبارة عن كلام للاستهلاك والبروباغندا”.

الأمور لن تذهب بالاتجاه السلبي من حيث المفاوضات، كما أشار الأمين، مؤكداً أنه “طالما لبنان لبى مطالب إسرائيل، واعترف لها بحقل كاريش فهذا يعني أنه ليس هناك مطلب اسرائيلي لم يتحقق. وهذا الصراخ الذي أحيط بهذا الموضوع لن يوصل الى تطورات سلبية أو الى الخراب. الاسرائيليون يريدون استخراج النفط وكذلك الأمر بالنسبة الى الجانب اللبناني، وحزب الله يريد القول في حال التوصل الى الترسيم انه سعى الى هذه الأوضاع، وكل ذلك في سياق البروباغندا الاعلامية للحزب. ومن الممكن أن نشهد مماطلة وتعنتاً لدى الجانب الاسرائيلي قليلاً، ولكن لن يكون في سياق تخريب المفاوضات نظراً الى المنفعة الموجودة لدى الجميع”.

وأوضح الأمين أنه “منذ لحظة وصول الرئيس عون الى القصر الجمهوري قدم التزامات معينة لحزب الله، الذي يعمل سياسياً وليس عاطفياً، اضافة الى أنه قام بتعطيل البلد عامين ونصف العام من أجل وصول ميشال عون نظراً الى أن الأخير ملتزم معه في كل الأمور الأساسية التي يريدها وهذا ما تبيّن خلال السنوات الست”، لافتاً الى “أننا لم نر لحظة أن الرئيس عون في موقع مغاير أو اعتراضي أو لديه ملاحظات حقيقية على حزب الله، فهل يعقل ألا يصدر رئيس جمهورية طوال فترة حكمه موقفاً ضد الحزب؟ هذا المستوى من الاعتراض كان غائباً طيلة هذه الفترة. وبالتالي آخر خروجه من الحكم بات الرئيس عون بحاجة الى الحزب أكثر من فترة دخوله، والتيار الوطني الحر بحاجة الى حاضنة سياسية تتمثل في حاضنة حزب الله”.

وأعرب عن اعتقاده أن “الرئيس عون لن يغامر في اتخاذ موقف يسبب ازعاجاً للحزب لأنهما ليسا حليفين بالمعنى الحقيقي، فهما غير متساويين والحزب يدير موقع الرئاسة وليس متحالفاً مع الرئيس”.

السيادة منتهكة منذ زمن طويل، كما قالت الأكاديمية منى فياض، مذكرة بأن “لبنان منذ أن أخضع نفسه لاتفاق القاهرة وقبل أن يسمح باستخدام أراضيه حصراً لمحاربة إسرائيل، ومن ثم أدخل السوري الذي عاث فساداً وتعاون مع طبقة سياسية فاسدة ومفسدة منعوا بالتكافل والتضامن تطبيق الدستور بعد إتفاق الطائف. لكن ظل النظام السوري يحافظ على ماء وجه السيادة والقوانين فكان ممنوعاً على اللبناني الظن أن سوريا تحتل بلده. والآن يخبرنا قاآني وأسياده من قبله أنهم يحتلون ليس لبنان وحسب، بل المشرق العربي بأكمله تقريباً. وأصبح إنتهاك السيادة معلناً ومن دون قفازات ومع ذلك لا يتجرأ الشعب اللبناني حتى الآن على الاعتراف بذلك بصوت عال”.

“لا أمل في استعادة السيادة في ظل فساد مستشر يغطيه سلاح إقليمي ومصالح دولية تتعامل مع الفاسدين وتمعن في إفسادهم عند كل محطة، وآخرها حكاية الترسيم وتقاسم الثروات البحرية التي دخلت بازار التجاذب بين إسرائيل وإيران على أبواب الانتخابات الاسرائيلية والاتفاق النووي”، بحسب فياض التي تساءلت “عن أي سيادة نحكي؟ كان الله في عوننا”.

الصورة باتت واضحة، ووقاحة محور الممانعة تزداد يوماً بعد يوم نظراً الى عدم وجود مسؤول حقيقي يضعه عند الحد المناسب، فالى متى ستبقى حرمة لبنان وسيادته منتهكتين؟ وهل سيتمكن الرئيس الجديد من وضع حد لهذا المحور في وقت قريب؟

شارك المقال