البيك الرادار

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

ليش يا بيك؟ كثيرون ينقزون ويضربون أخماساً بأسداس كلما أقدم الزعيم وليد جنبلاط على مفاجأة سياسية ما.

اعتاد اللبنانيون شقلبات البيك على اعتبار أنه يشم الرياح والعواصف السياسية قبل هبوبها، فيتموضع ليخفف العواقب عليه وعلى جماعته. مع ذلك ما زالوا يندهشون بكلامه.

قارئ نهم؟ لا شك. حدسه رادار متطور؟ ربما. علاقاته المتشعبة تغذي بصره وبصيرته؟ ممكن.

والأهم أنه نزق في السياسة. ولهذا القرب منه أحياناً يؤذي أكثر من البعد عنه. متعب لحلفائه. مدهش لخصومه. يعطي إشارة الانعطاف الى اليسار، وفجأة ينعطف الى اليمين. كم من رفيق التبست عليه قراءة إشارة السير الجنبلاطية، وحين التفت حوله وجد نفسه وحيداً.

حالة مميزة في السياسة اللبنانية. لا يشبه أحداً، بل أحياناً لا يشبه نفسه لسرعة تبدله. باطني وصريح في الوقت ذاته. هوايته التاريخ، من دون الانشغال بالأشباح الدرامية. يخلط بحص الجغرافيا بترابة سبلين ليرسم عالم هواجسه.

لا ينكسر الا ليرتفع مجدداً. لا يهادن الا لينتفض مجدداً. لا يهرب الا ليهجم من جديد.

دائماً موجوس بالأقلية التي يرعاها. يتقن وعظ الآخرين. يعرف أن الوطن تصنعه أحياناً أمزجة ملتبسة تصل بنزقها الى حروب أهلية متوالية.

في الحروب كانت مكانته محفوظة. وفي هدنات السلم كانت كلمته مسموعة. حتى إن خسر معركة كان هو من يفرض شروط الهزيمة.

في السياسة لا حليف ثابتاً ولا موقف دائماً. مختار المختارة اختار في الحياة سلم قيم له وحده. الزعامة وراثة. الهيبة معدن تصقله ربما في ساحات الجماهير وربما في خلوات الحكمة ويزداد صلابة كلما ازداد نضجاً.

وليد كمال جنبلاط. ليس شرطاً أن يكون الأبن سر أبيه. قد يكون النقيض ويتابع المسير.

شارك المقال