لا خبز ولا بسكويت

لينا دوغان
لينا دوغان

درج القول: “إذا لم يجدوا الخبز فليأكلوا البسكويت”، أما نحن في أيامنا هذه في لبنان فنفد الخبز، والبسكويت بالعملة الصعبة أي “تقريش” على الدولار، فماذا يأكل الفقير؟

هذا الفقير الذي أتكلم عنه هو الإنسان اللبناني الذي تعود أباً عن جد أن يتحدث ويناقش في السياسة أقله الداخلية منها، هذا إن لم يتطرق الى الخارجية كونه يعيش وتعايش تاريخياً مع أزمات بلاده السياسية، أما أن يصل هذا المحلل السياسي الى أن يصبح أيضاً محللاً اقتصادياً فهنا تكمن قصة كل لبناني مع الاقتصاد في هذه الأيام، إذ أصبح كل واحد منا يفهم ويفسر ويحلل بالدولار والليرة والبنزين والمازوت، يعني بإختصار حياتنا اليومية أو مدفوعاتنا الشهرية.

هذا حالنا كلبنانيين هذه الأيام من كل الطبقات، ليس لنا حديث سوى “الدولار طلع اليوم وعم بقولوا رح ينزل بكرا”، لكن إذا ما أقروا الدولار الجمركي فالله يستر، أما حال الفقير فلقمة عيشه حدث ولا حرج…

عن ماذا برأيكم يتكلمون؟ عن ربطة خبز إن حصلوا عليها يلزمهم نصف نهار يقضونه في الطابور عندما يأتي الخبر بانقطاع الخبز ونفاد الطحين؟

عن ماذا برأيكم يبحثون؟ عن تنكة بنزين يرتفع سعرها يوماً بعد يوم ويصل الخبر إلى آذانهم بأن التنكة ستُسعّر بالدولار وهم بالكاد يدفعون بالليرة ليأتي النفي من المسؤولين الذين يلعبون بالبنزين وبالناس، بالدولار وبالليرة…

عن ماذا برأيكم يفتشون؟ عن المازوت الذي لولاه لا تدور المروحة – طبعاً المكيف لا يعمل لأن المواطن بالكاد يستطيع الاشتراك بالمولد – والبراد حتى لا يتلف القليل الموجود بداخله – إذ لم تعد ثلاجات اللبنانيين كما السابق مليئة – ولأن ساعة من كهرباء لبنان لا تكفي – هذا إن أتت – فالبحث والحديث عن المازوت وسعره واذا كان متوفراً أم لا من يوميات اللبناني…

هل آخذكم في جولة إلى السوبر الماركت أو بائع الخضار والفاكهة لتروا كيف يشتري اللبناني هذه الأيام؟

أولاً، لم يعد يأخذ كل ما يحتاجه البيت، بإختصار صار يشتري الأوفر والأرخص من كل الأنواع، وهناك أشياء لم تعد تدخل البيت اللبناني خصوصاً اللحوم والأسماك وبعض أنواع الخضار والفاكهة. أما عمن طالبنا بإذا لم نجد الخبز فلنأكل البسكويت… فهذا غير ممكن لأن البسكويت عندنا مسعّر بالدولار يعني إذا نفد الطحين يوماً ما فلا خبز ولا حتى بسكويت.

كل هذا ولا أحد من المسؤولين يحرك ساكناً لا بل على العكس يعتبر نفسه يقوم بعمله على أكمل وجه، إن كان الوزراء المعنيون أو النواب الجدد أو حتى العهد الذي مع العد العكسي لمغادرة القصر ليس لديه إلا تذكير اللبنانيين بالإنجازات التي قام بها.

كل هذا ولم تشكل حكومة ونحن اقتربنا من نهاية العهد وعلى أبواب انتخاب رئيس جديد للبلاد، أين أنتم من الناس؟

كل هذا ويقولون “الآتي أعظم” يعني حتى الآن أصبح كل الشعب يتكلم في السياسة، ومعظم الشعب يحلل في الاقتصاد، وعندما ندخل في مرحلة أصعب وهي مرحلة الانتخابات الرئاسية والتي كما هو واضح صعبة وهي إن حصلت وإن لم تحصل دخلت البلاد في الفوضى، بأي لغة سيتكلم الشعب اللبناني وقتها؟

شارك المقال