أفغانستان: هل تحل الصين مكان الولايات المتحدة؟

حسناء بو حرفوش

مع ازدهار الأعمال الصينية في أفغانستان قبل انسحاب الولايات المتحدة منها في آب الماضي، يطرح السؤال حول النفوذ الصيني واحتمال حلوله مكان النفوذ الأميركي في ظل حكم “طالبان”، حسب قراة في موقع Vice.com الالكتروني. ويتقرب رجال الأعمال الصينيون بصورة متزايدة من “طالبان” بغية تيسير الأعمال وتوفير الموارد. ووصل حوالى 200 من رجال الأعمال الصينيين إلى البلاد منذ سيطرة طالبان، وفقاً لتقديرات شركة “تشاينا تاون كابول” (China Town Kabul)، وهي مجموعة أعمال نشأت في أفغانستان منذ ما يقارب عقدين من الزمن.

ومع ذلك، ليست الصورة الوردية التي يرسمها رجال الأعمال الصينيون على وسائل التواصل الاجتماعي بعيدة عن الواقع. يروي أحدهم كيف بقي مختبئاً في المنزل، خوفاً على حياته وسط سلسلة من الهجمات المميتة في الآونة الأخيرة. ويسلط الوضع الأمني ​​المتقلب في أفغانستان الضوء على التحديات التي تواجه الصين والتي ظهرت كقوة عظمى وحيدة في أفغانستان بعد أن سحبت الولايات المتحدة وحلفاؤها قواتهم العام الماضي، منهين بذلك حقبة دامت 20 عاماً.

وعلى الرغم من عدم اعتراف بكين الرسمي بحكومة “طالبان”، قدمت دعماً حاسماً للنظام الجديد وتعهدت مراراً بالمساعدة في إعادة بناء الدولة التي دمرتها الحرب. وقال الخبراء مع ذلك إن قليلاً من الوعود الصينية تحققت بينما تواصل بكين المراقبة بحذر.

وتعتمد الصين طريقة تعامل مع نظام “طالبان” لا تختلف كثيراً عن تفاعلها مع الحكومة السابقة. وصرّح الباحث رافايللو بانتوتشي، بأن التغير الملموس يقتصر فقط على حجم رجال الأعمال الصينيين الذين يتجهون إلى أفغانستان. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في آذار الماضي خلال اجتماع عقدته الصين بين وزراء خارجية الدول المجاورة لكابول إنّ الاعتراف الديبلوماسي سيحصل “عندما تسنح الظروف”. ودعا المجتمع الدولي الى رفع العقوبات المجمدة احتياطيات أفغانستان بمليارات الدولارات كما شلت اقتصادها، كما أكد أن هذا المجتمع سيطالب بالعدالة لجنوب آسيا في الأمم المتحدة. وخلال الشهر الماضي، اقترح وانغ أيضاً تمديد الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني في البلاد، وهو مشروع بنية تحتية بقيمة 62 مليار دولار.

ومع تعزيز الصين دورها في المنطقة، تتطلع حكومة “طالبان” بصورة متزايدة إلى بكين للحصول على المساعدة، التي طلبتها من السفارة الصينية عندما دمر حريق الغابة إقليم نورستان الشرقي في حزيران. وأرسلت الصين حزمة مساعدات بقيمة 8 ملايين دولار، عندما قضى زلزال على حياة أكثر من ألف أفغاني بعد بضعة أسابيع، وأعلن سفيرها وانغ يو في مؤتمر مشترك مع إدارة “طالبان” عن خطط طويلة الأجل لإعادة الإعمار الاقتصادي.

واحتفل مسؤولو “طالبان” في تشرين الثاني باستئناف صادرات الصنوبر إلى الصين باعتبارها حبل انقاذ لاقتصادها المتعثر. ولكن على الرغم من الترويج لمشاركة الصين مع حكومة “طالبان”، لم تتغير سياستها تجاه أفغانستان منذ تولي النظام الجديد السلطة، وفقاً للخبراء.

ووقعت شركة صينية ملك للدولة اتفاقية بقيمة 3 مليارات دولار مع إدارة حامد كرزاي في العام 2007 للحصول على حقوق التعدين لمدة 30 عاماً، لكن المشروع توقف لأكثر من عقد بسبب الهجمات المتفرقة والقطع الأثرية القيمة في المدينة البوذية تعود إلى 2000 سنة. وسافر وفد صيني إلى كابول لإجراء مفاوضات في آذار وزار المنجم في حزيران الماضي. ومع ذلك، تحوم الشكوك حول افتتاح الموقع.

كما لم تستأنف المشاريع الأخرى المدعومة من الدولة في مجال النفط والغاز، والتي توقفت وسط الفوضى العام الماضي. فلماذا التردد من جانب الصين؟ على الرغم من مصالح الشركات الصينية في الثروة المعدنية الهائلة لأفغانستان، يقول الخبراء إن اهتمام بكين الرئيس بأفغانستان لا علاقة له بالمكاسب الاقتصادية.

ومنذ بداية تعاملها مع مسؤولي “طالبان”، وضعت الصين الأمن في مقدمة ومحور أجندتها. ومارست الحكومة الصينية ضغوطاً متكررة على النظام الجديد للتصدي للإرهاب. وأسفرت هذه الحوادث عن توتر العلاقات الناشئة بين الصين وأفغانستان. وتدرك الصين أيضاً مدى السرعة التي يمكن أن يتغير بها الوضع مما يحول دون قدرتها على منح الثقة للمضي قدماً في استثمارات أكبر في المستقبل القريب. وفي المقلب الآخر، قد ينفد صبر “طالبان” مع توقف الصين عن الوفاء بوعودها. وحتى لو لم تتوقع الحكومة الصينية مستقبلاً طويل الأمد في أفغانستان، يحاول البعض إبعاد الشك والتمسك بجرعة الأمل هذه”.

شارك المقال