“كهرباء زحلة” في مهب الريح… والأهالي يطالبون بتركيب عدادات

راما الجراح

بعدما كانت “كهرباء زحلة” نموذجاً مثالياً حض على تطبيقه كل أهالي البقاع المستفيدين منها، بعدما وفرت كهرباء ٢٤/٢٤ لأهالي البقاع الأوسط حتى أصبحوا يتباهون بها وكأنهم يعيشون في بلدٍ لا يشبه لبنان، يحترم حقوق المواطنين ويسعى دائماً الى راحة شعبه، الا أنها مع اشتداد أزمة المحروقات وانقطاعها لفترات طويلة، سعت الى تقنين ساعات التغذية بما يتناسب مع كمية المحروقات المتوافرة لديها.

زيادة ساعات التقنين قابلها إرتفاع غير مبرر في فواتير الكهرباء، وتشكلت حركة اعتراضية على ذلك إضافة إلى تنسيق حملات بين الناس لعدم دفع الفواتير الباهظة، ولكن سرعان ما تراجعوا خوفاً من حرمانهم من الكهرباء. وفي محاولة للاستفسار أكثر عن لُب المشكلة، وهل هناك أي حلول تلوح في الأفق يمكن أن تطمئن الناس، أو وجود نية حقيقة لوضع عدّاد ذكي يمكن أن يساعد الجميع على تخفيف مصروف الكهرباء لديهم وبالتالي خفض كلفة الفاتورة، حاولنا الاتصال بمدير الشركة أسعد نكد مراراً لكنه لم يجب على هاتفه، كما اتصلنا بالشركة عدة مرات وتواصلنا مع الموظفين ودائماً هنالك أعذار بسبب سفر نكد، أو إجتماعاته، على أن يعاودوا الاتصال بنا لأخذ موعد و”هيدا وجه الضيف”!.

ولتدارك فواتير الكهرباء لجأ العديد من الأهالي إلى تركيب “طاقة شمسية” مع وضع عدّاد لاعطاء الفائض لشركة الكهرباء، وهذا ما فعله أبو حسين منذ سنة تقريباً، وأوضح لموقع “لبنان الكبير” أنّ “تكاليف شرائها وتركيبها مرتفعة، ولكن تدفع مره واحدة ونتخلص من هموم فاتورة الكهرباء في نهاية الشهر”. أما أم علي، وهي أرملة ولديها ٤ أولاد، فأكدت أنها ذهبت إلى شركة كهرباء زحلة لتقديم طلب عداد ذكي حتى تقوم بتركيب طاقة شمسية وتتخلص من الفواتير المرتفعة، إلا أن الشركة قالت لها أنها توقفت عن استقبال الطلبات، وهناك ما يزيد عن ٨٢ ألف طلب.

وامتلكت شركة “كهرباء زحلة” بفعل الامتياز، كل المنشآت والمعدّات ومحطات توزيع الكهرباء على أن تعود هذه الملكيّة إلى “كهرباء لبنان” عند انتهاء الامتياز في العام 2018. ونظراً الى العديد من الأسباب السياسية، إضافة إلى عدم قدرة “كهرباء لبنان” على استلام هذا القطاع، تم تحويل الامتياز إلى عقد تشغيلي تنتهي مفاعيله في العام 2020. وينصّ العقد على استكمال شركة “كهرباء زحلة” دورها كمشغّل للإنشاءات الواردة في الإمتياز على أن يتم إعادة ملكيّتها إلى “كهرباء لبنان”. وعند انتهاء مدة العقد تم التمديد له سنتان إضافيتان من دون إعادة ملكيّة الإنشاءات إلى “كهرباء لبنان”.

وأعلنت الشركة في بيان، أنّه سبق وأبلغت عن “أزمة مازوت أخذت تتفاقم منذ نحو أسبوعين، وصلت إلى فقدان كامل للمازوت في الأسواق، وجعلت كهرباء زحلة تستهلك كامل مخزونها مع استهلاك موسم الصيف المرتفع، بالتزامن مع انقطاع كامل للتيار من مؤسسة كهرباء لبنان”، محذّرة من أنّ “هذا الأمر نتج منه عدم استقرار في التغذية، قد تسوء خلال النهار الى حين بدء وصول كميات المازوت المطلوبة، على أمل أن تتحسن التغذية تدريجياً لتعود إلى ما كانت عليه بين اليوم والغد”. وأشارت إلى أنّ “أزمة على صعيد الوطن كهذه، تفوق قدرة كهرباء زحلة ونتائجها السلبية تخرج تماماً عن إرادتها”.

انتهى البيان ولم تنته المشكلة، عند كل اشتداد لأزمة المحروقات في البلاد سيكون لـ “كهرباء زحلة” بيانات اعتذارات عن التقنين القاسي في التغذية الكهربائية، وعليه من حق المواطن أن يكون في منزله عداد يستطيع من خلاله معرفة مصروفه من الكهرباء والعمل على إدارة شؤونه بما يتناسب مع مدخوله الشهري. وأكد صاحب أحد المطاعم المتواضعة داخل إحدى القرى أنه قام بتركيب طاقة شمسية “حتى نتخلص من الفواتير الكبيرة ولكن من دون تركيب عداد، بل أبقينا الاشتراك مع كهرباء زحلة لأن هناك برادات كبيرة لا نستطيع إطفاءها، إضافة إلى إنارة المطعم، وكانت المفاجأة الشهر الماضي أن فاتورة كهرباء زحلة جاءت ٩٠ مليون ليرة لبنانية، واضطررت إلى دفعها لأنني لا أملك أي دليل على أنني لم أصرف هذه الكمية من الكهرباء التي تبلغ كلفتها قرابة الـ ١٠٠ مليون ليرة! ما يحصل كارثة ويجب إيجاد حل فوري”.

أكثر من ٥٠٪ من سكان البقاع الأوسط لا يملكون ثمن تكلفة الطاقة الشمسية ويعملون على تقنين منزلي خاص عبر إطفاء أنوار البيت كله على أن يتواجد جميع أفراد الأسرة في غرفة واحدة ليلاً أو الجلوس في الخارج. وتقول أم ياسين: “تخليت عن كي الثياب بصورة نهائية، وأصبحت بعد غسلها أنشرها بطريقة لا تحتاج فيها إلى الكي كثيراً، إضافة إلى أننا أصبحنا نستحم مرة واحدة في الأسبوع جميعاً وفي اليوم نفسه كي نقوم بإشعال سخان المياه على الكهرباء. وبالنسبة الى البراد لم نعد نكترث كثيراً فغالباً الثلاجة خالية من اللحوم، ونضطر أحياناً إلى استعمال موتور المياه على الكهرباء، ولكن على الرغم من كل هذا التقنين بلغت فاتورة الكهرباء الشهر الماضي مليوناً و٢٠٠ ألف ليرة لبنانية! ما هي طريقة التقنين التي يمكن أن تخفض من فاتورة الكهرباء؟ فالشهر الذي لم نقنن فيه بلغت الفاتورة مليوناً و٨٠٠ ألف وعند التقنين القاسي انخفضت ٦٠٠ ألف فقط، لذلك نحن بحاجة ماسة إلى عدادات وإلا فالشركة حرامية بإمتياز”!

لم يعد بإستطاعة المواطنين تحمل أي أعباء زائدة، ومطلبهم مُحق وعلى شركة “كهرباء زحلة” دراسته، فماذا يضرها اذا وافقت على تركيب عدادات للمنازل؟ إذا كانت لديها شفافية ومصداقية في فواتيرها لا يجب أن ترفض ذلك بل عليها مساعدة الناس على تقنين مصروفهم فقط لا غير.

شارك المقال