العهد وخطواته الانقلابية… دليل عقم والتاريخ يحاسب

هيام طوق
هيام طوق

كل المؤشرات والتصاريح الصادرة عن فريق العهد و”التيار الوطني الحر” تدل على أن هناك خطوات وخيارات تدرس تحضيراً للمواجهة في المرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها التصعيد على أكثر من مستوى خصوصاً اذا لم تتشكل حكومة قبل 31 تشرين الأول ولم ينتخب رئيس جديد للجمهورية.

وبعد أن أعلن صراحة النائب جبران باسيل أن “التيار” لن يعترف بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، “وما تجرونا الى ما لا نريده”، أكد رئيس الجمهورية ميشال عون في حديث صحافي أن “حكومة تصريف الأعمال غير مؤهلة لتسلّم صلاحياتي بعد انتهاء ولايتي، وما لم يُنتخب رئيس للجمهورية أو تتألف حكومة قبل 31 تشرين الأول المقبل، وإذا أصرّوا على أن يزركوني، فإنّ هناك علامة استفهام تحيط بخطوتي التالية، وبالقرار الذي سأتخذه عندها”، لافتاً الى أن “لديّ شعور بأن العرقلة متعمّدة، لكي يضع الرئيس نجيب ميقاتي ومن معه وخلفه أيديهم على البلد عبر حكومة تصريف أعمال لا تتوافر فيها شروط الحلول مكان رئيس الجمهورية، واذا نشأ مثل هذا الوضع النافر، فأنا لن أرضخ له وسأواجهه”. وشدد على “أهمية ضم 6 وزراء دولة سياسيين الى الحكومة الحالية حتى تكتسب حصانة سياسية ضرورية جداً لمواجهة احتمال الشغور”.

كيف يقرأ السياسيون والمتابعون هذه المواقف؟ وما هي الخطوة التالية التي يمكن أن يتخذها رئيس الجمهورية في حال التعطيل الحكومي والشغور الرئاسي؟ وهل هذا نوع من التهديد أو الرسالة الى طرف معين؟ وهل اعادة الحديث عن أهمية ضم 6 وزراء سياسيين الى الحكومة يعني أن التشكيل أصبح في خبر كان، أو أنه رجع الى المربع الأول خصوصاً أن ميقاتي لن يرضى بالتوسيع وتقديم الثلث المعطل على طبق من فضة لـ “التيار الوطني الحر” على الرغم من أن رئيس الجمهورية يعتبر أن الحكومة التي تمارس صلاحيات الرئيس لا حاجة لها الى مثل هذا الثلث أصلاً لأنّ كل وزير هو في حد ذاته ثلث معطّل كما حصل في حكومة الرئيس تمام سلام؟

لفت النائب أحمد الخير الى أن “كل المشرّعين والدستوريين يؤكدون أن الحكومة القائمة، بغض النظر ان كانت حكومة مستقيلة أو كاملة المواصفات، تستلم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الشغور. ما يحاول أن يقوم به العهد اليوم هو نوع من التهويل والاستقواء على اللبنانيين وعلى رئيس الحكومة”، معتبراً أن “هناك قوى سياسية لا تزال تساهم الى جانب العهد في فرض شروط وواقع معين”.

ورأى أن “العهد يلفظ أنفاسه الأخيرة، ويحاول التصعيد انطلاقاً من موقعه الخاسر، فيجرّب كل الطرق حتى لو كانت غير قانونية وغير دستورية. اليوم يقولون للبنانيين انهم جاهزون لاستعادة أزمة أواخر الثمانينيات، بهدف تحقيق المصالح الشخصية. الفريق العوني كي يستمر في موقعه السياسي مستعد للذهاب مع حزب الله أكثر في اتجاه تغيير النظام والطائف ولا يأبه للتداعيات”.

وشدد على أن “أي خطوة يمكن أن يتخذها رئيس الجمهورية خارج اطار الخروج من القصر الجمهوري في نهاية ولاية العهد وتسليم الصلاحيات الى الحكومة، يكون يخالف الدستور ويضرب بمصلحة الوطن والمواطن عرض الحائط، ويؤكد للجميع أنه مصر على أولوية المصلحة الشخصية ووضعها فوق كل مصلحة”.

وسأل: “هل يجوز بعد التنازلات والتسهيلات التي قدمها ميقاتي أن يكون هو الذي لا يريد التشكيل؟ في المقابل ماذا يفعل العهد؟ يريد حكومة سياسية تضمن حقيبة للصهر ولمستشار القصر بما معناه أن التعطيل في المرحلة المقبلة يكون من داخل الحكومة”، معتبراً أن “همّ فريق العهد اليوم تعطيل دور الحكومة بعد الفراغ الرئاسي حتى أنه لا يريد للحكومة الحالية أن تقوم أي انجاز. لا يعملون ولا يتركون الآخرين يعملون. مسار التعطيل أساس بالنسبة الى العهد، ويتمسك به، والأمور واضحة أمام اللبنانيين”.

وأشار الى أن “دور رئيس الجمهورية أن يكون حكماً وأن يطلق سراح المؤسسات الدستورية. أثبت العهد أنه المعرقل الأساس، ومهما جرّب الالتفاف حول الحقائق يعود ويعترف من حيث لا يدري بالحقيقة كاملة. بعد كل المناورات التي قام بها، واتهم الرئيس ميقاتي بأنه هو المعطل، يثبت اليوم من خلال حديثه عن ضرورة ضم 6 وزراء الى الحكومة أنه كان يناور في الفترة السابقة، وأن مطالبه بوزارة الطاقة وبتسمية وزيري المهجرين والاقتصاد لا تعكس نواياه الحقيقية”.

ورأى أنه “اذا لم يأخذ حزب الله المبادرة تجاه العهد والتيار الوطني الحر، ويفرض على هذا الفريق الذهاب نحو تشكيل حكومة كما طرحها ميقاتي أي تعديل وزيرين على الحكومة الحالية، فرئيس الجمهورية لن يوقع على أي حكومة اذا لم تتضمن 6 وزراء سياسيين، وهذا ما أوضحه الرئيس بلسانه. وهنا نسأل: اذا أنت شريك في التأليف، فكيف تفرض شروطك؟ رئيس الجمهورية يكرّس معادلة أن لا رأي لرئيس الحكومة بالتشكيل، وهذا يخالف النصوص الدستورية”.

اما النائب والوزير السابق إدمون رزق فأكد أنه “عندما تنتهي ولاية رئيس الجمهورية يصبح وجوده في القصر الجمهوري غير دستوري، ويصبح رئيساً سابقاً مجرداً من الصلاحيات العملانية على الاطلاق، انما تقع على عاتقه مسؤولية معنوية وأخلاقية في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية وتأمين الخلافة وعدم سماحه بحصول الشغور الرئاسي قبل موعد الاستحقاق الدستوري. على الرئيس أن يسعى الى تشكيل الحكومة قبل انتهاء الولاية لأن عدم التشكيل إخلال بالواجبات الوطنية سواء كان بسبب العجز أو الارادة”.

وأوضح أن “كل ما يتعلق بالمحاصصة والحصص والمكاسب دليل على الجهالة وانعدام الاهلية. لا وجود للحصص انما هناك سلطات في النظام الديموقراطي الذي يقوم على الحكم والمعارضة، ويتكاملان اذ أن المعارضة تراقب وتعارض والحكم يتولى المسؤولية. أما الكلام عن الحصص وتقاذف مسؤولية التعطيل فدليل عقم وانعدام الكفاءة، والتاريخ سيحاسب على هذه التصرفات، وعلى الشعب أن ينتفض ويصحو ليطيح بخيم (الكاراكوز) المنصوبة في مقرات الحكم”.

وتمنى النائب السابق شامل روكز “أن تتشكل الحكومة لتكون فاعلة في الوضع الصعب، لكن الكل يفكر في الحصص. والفراغ الرئاسي جريمة وطنية، اذ من المفروض أن يكون هناك رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية”، لافتاً الى أن “الدستور يحدد الجهة التي تتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الشغور، والأمور ليست شخصية. في حال لم تتشكل الحكومة ولم تجر انتخابات رئيس الجمهورية، فإن الجميع يحتكم الى الدستور الذي يقول ان الصلاحيات تتولاها الحكومة القائمة، ولم يحدد مواصفاتها ان كانت حكومة تصريف أعمال أو حكومة كاملة الصلاحيات. لا أحد يمكنه انتهاك الدستور، وكل ما نسمعه يصب في اطار الكلام السياسي”.

وشدد على أن “البلد ليس ملك أحد انما ملك الشعب اللبناني الذي يحتكم الى الدستور. المواجهة في حال حصلت تكون من منطلقات شخصية وليس من منطلقات دستورية. اما نطبق الدستور أو ننقلب عليه، ولا تفسير آخر”، معتبراً أن “عمل السياسيين خلال المرحلة السابقة أوصل البلد الى ما نحن عليه، ولا يمكن أن ننتظر منهم النهوض به لا بل سيذهبون أكثر نحو المطالبة بالحصص والانهيارات. في كل دول العالم التي واجهت الأزمات، غيّروا الطبقة السياسية، لكن للأسف نحن نعيد التجديد لها”. وأمل “انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن خارج هذه الطبقة السياسية، وأن تتشكل حكومة مختلفة كي يكون هناك حد أدنى من الأمل لانقاذ البلد”.

شارك المقال