تحليل أميركي: إيران على حافة الهاوية

حسناء بو حرفوش

هل يواجه النظام الايراني أزمة شرعية؟ وإلى أي مدى يمكن للولايات المتحدة الاستفادة منها؟ وفقاً للمحلل الأميركي ماثيو كونتينيتي، “خلقت الأحداث غير المتوقعة واندلاع الاحتجاجات الجماهيرية ضد الثيوقراطيين الحاكمين في جميع أنحاء البلاد للمرة الثالثة خلال 13 عاماً أزمة شرعية. وتشكل الاضطرابات فرصة للرئيس الأميركي جو بايدن لمخاطبة الشعب الايراني مباشرة وإخباره أن واشنطن تقف إلى جانب الحرية.

واندلعت الاحتجاجات الأخيرة بعد وفاة مهسا أميني إبنة 22 عاماً بعدما احتجزتها “شرطة الآداب” بتهمة ارتداء “الحجاب بطريقة غير لائقة”. ودفع الاشمئزاز واسع الانتشار من التفسيرات والأعذار الرسمية لوفاة أميني بمئات النساء الإيرانيات الى حرق حجابهن. وسار الايرانيون من جميع الأطياف في الشوارع في تحد للسلطات، كما طالب البعض بإنهاء الجمهورية الإسلامية، مما تسبب بمقتل سبعة متظاهرين على الأقل. وتسعى الحكومة جاهدة الى إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات الالكترونية، مما يعني أن الأزمة حقيقية وأن لديها القدرة على تهديد النظام نفسه.

كيف ذلك؟ لأن الاضطراب يأتي في منعطف حاسم في تاريخ الثورة الاسلامية. إذ تواجه الدولة التي نشأت من تلك الثورة في العام 1979 أزمة قيادة وتحولاً ديموغرافياً بالتوازي مع وصول المفاوضات حول إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة  (JCPOA)، والمعروفة أيضاً بالاتفاق النووي الإيراني، إلى طريق مسدود. وتتهم إيران بقيامها بأفعال تثبت أنها لن تتخلى عن طموحاتها النووية وتنضم إلى “المجتمع الدولي”، من خلال التمسك بتصدير ثقافتها إلى وكلائها. لكن ضحايا النظام الأساسيين هم الشعب الإيراني، الذي هو أول من يعاني من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمادية واستياؤه أوضح دليل على إدانة النظام. وتزيد التحديات المتداخلة التي تواجه إيران من هشاشة النظام. ومن هنا، فإن أفضل مسار عمل للولايات المتحدة يجب أن يقضي بإنهاء المفاوضات النووية مع إيران، وإعادة فرض وفق آلية “سناب باك” ذات الارتداد السريع، تهديد عسكري ذي مصداقية ومطالبة الحكومة الإيرانية بالاعتراف بحقوق الإنسان وكرامة الشعب الإيراني.

إضافة إلى ذلك، يزداد في الداخل الإيرني التنافس على منصب الخليفة المستقبلي للمرشد، وهذا يعني أن النظام يشهد بيئة من الارتباك وعدم اليقين على أعلى مستوياته. ولا شك في أن صرخات الشباب الإيراني من أجل الحرية الشخصية قد فاقمت حالة الفوضى. وبالتالي، من شأن الدفعة من الولايات المتحدة أن تحدث فرقاً كبيراً. هذا يعني أنه ليس هناك من وقت أفضل لتغيير استراتيجية الولايات المتحدة. الاتفاق النووي لا يتقدم وقبول مطالب إيران الأكثر تطرفاً على طاولة المفاوضات سيجعل واشنطن تبدو ضعيفة.

وماذا إن كان الاضطراب الحالي بمثابة اختبار؟ في الماضي، وقف الرئيس باراك أوباما صامتاً بينما نزل الطلاب الايرانيون إلى الشوارع في ما يسمى بالثورة الخضراء. وفي العام 2019، وجه الرئيس دونالد ترامب رسائل متباينة بينما تمرد الايرانيون على الفساد الحكومي وسوء الإدارة الاقتصادية. لم يرغب أوباما بتعريض خططه للخطر. وكقاعدة عامة، قللت السياسة الخارجية الشخصية لترامب من التأكيد على حقوق الإنسان والديموقراطية، واكتفى بالعقوبات المعوقة كسلاحه المفضل.

وعلى الرغم من اختلاف دوافع الرئيسين، لم تختلف النتائج. وفي كلتا الحالتين، استخدم النظام وسائل وحشية للنجاة من الاضطرابات. وواظب خامنئي على بناء بنيته التحتية النووية والمشاركة في جميع أنحاء المنطقة والعالم. أما الآن، فيتوجب على الرئيس الحالي رسم الخطوط الحمر وعزل النظام الإيراني ومعاقبته على سلوكه في الخارج وفي الداخل لأن هذا من شأنه أن يعزز المصالح الأميركية في الشرق الأوسط الكبير. كما من شأنه أن يقوّض أحد حلفاء روسيا القلائل وأن يساعد الشعب الايراني في نضاله”.

شارك المقال