حلفاء روسيا يغيّرون نهجهم على خلفية الحرب الأوكرانية

حسناء بو حرفوش

قد تتسبب الحرب الأوكرانية بخسارة كبيرة ليس على مستوى المعارك التي تدور على الأرض وحسب، وإنما أيضاً في الساحة الدولية، حيث تبين من خطابات زعماء العالم الأسبوع الماضي أن نسبة الامتعاض من قرار الرئيس فلاديمير بوتين خوض الحرب في شباط الماضي، إلى تزايد.

ووفقاً لقراءة في موقع “بوليتيكو” الالكتروني، “فقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبلاده نسبة كبيرة من جمهورهما منذ اللحظة التي اعتلى فيها المنصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويمكن الاستنتاج أن حلفاء روسيا غير راضين تماماً عن خياراتها من خلال الاستنكار الواضح في خطابات ممثليهم.

وأعرب قادة عالميون خلال الاجتماع السنوي، عن إمتعاض أشبه بالإدانة الصريحة للحرب الروسية في أوكرانيا، كما لم تتوان بعض الدول التي حافظت على صداقتها مع الكرملين، عن الدعوة الى وقف إطلاق النار أو العثور على حلول أخرى لانهاء الأزمة. وكان واضحاً أن أولئك الذين يقفون على الجانب الروسي ليسوا سوى قلة. عدا عن ذلك، أخفق الرئيس بوتين، الذي لم يكن ضمن المشاركين في الجمعية العامة، حين أعلن في منتصف الأسبوع أنه يصعّد المعركة ويعمل على تعبئة مئات الآلاف وربما يستخدم الأسلحة النووية.

وتعليقاً، صرح ديبلوماسي أميركي رفيع المستوى لـ(بوليتيكو) بالقول إنه يصعب المرور مرور الكرام بجانب الاستياء العالمي المتزايد إزاء روسيا، وهذا ما يؤكد عليه رد فعل بعض المسؤولين الأجانب الذين رفضوا الدعوات الروسية الى الاجتماع على هامش الجمعية العامة. هذا يعني أن الجانب الروسي لم يحظ بالكثير من الدعوات للتداول.

ومن شأن هذا التحول في النهج المعتمد في الوقت الحالي، أن يضيف ضغطاً على الكرملين اقتصادياً أو عسكرياً على الرغم من أن الكثير من الدول ما زالت تعتمد على روسيا في ملف إمدادات النفط والغاز. وهذا ما بدا جلياً في خطاب الديبلوماسي المخضرم لافروف والذي لم يعدل عن إلقاء خطابه السبت الماضي للإصرار على أن حرب موسكو عادلة وأن شرارتها انطلقت دفاعاً عن النفس وعن المتحدثين الروس المقيمين في أوكرانيا ضد نظام النازيين الجدد في كييف.

كما وجه لافروف، الذي كرر وصف توسع حلف الناتو بالتهديد، إصبع الإتهام الى العقوبات الأميركية والأوروبية في ما يخص زيادة انعدام الأمن الغذائي، وهو ما ينفيه الغرب، متجاهلاً أفعال روسيا التي تعوق على سبيل المثال، وصول شحنات الحبوب الأوكرانية.

وعلى الرغم من ذلك، لا تغير نبرة التحدي في خطاب لافروف من الواقع المزعج لروسيا والذي يتزايد بوضوح، مع تشكيك بعض حلفائها المخلصين بالحكمة وراء حربها في أوكرانيا، علماً أن هذه الحرب تسببت بسلسلة من الخسائر الاقليمية الكبيرة لروسيا في الآونة الأخيرة.

ولم يتبلور التغير في النهج إزاء روسيا خلال الاجتماع في نيويورك فقط وانما في الأيام التي سبقته أيضاً. فخلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند في وقت سابق من هذا الشهر، التقى بوتين بالزعيم الصيني ورئيس الوزراء الهندي، واعترف بأن الصين والهند عبّرتا عن (أسئلة ومخاوف) بشأن حرب أوكرانيا، وعن التشكيك بتوقيت الحرب، في مواقف شبهت بالتوبيخ.

بعدها، وفر اجتماع الأمم المتحدة منبراً للتعبير عن إحباط البلدان الثانية التي لم ترغب في تجنب موضوع أوكرانيا، لا سيما في ظل المعاناة من نقص الغذاء والطاقة وارتفاع الأسعار الناتج عن الحرب، ناهيك عن تغير المناخ وجائحة كورونا. وعانت الكثير من دول أميركا اللاتينية وأفريقيا تحديداً من هذه المشكلات، ولكنها تحرص لأسباب تاريخية واقتصادية، على تجنب الانحياز علناً والاختيار بين روسيا والغرب. لذلك درج التشديد مراراً على التداعيات السلبية العالمية للحرب عموماً.

ومع ذلك، غالباً ما تشكل التحولات في النهج والخطابات في عالم الديبلوماسية، خطوات حاسمة باتجاه مواقف أكثر جدية، بما في ذلك الاجراءات على مستوى العلاقات الاقتصادية، وفقاً لمسؤولين ومحللين”.

شارك المقال