جلسة “القاضي الرديف” تؤجج الكباش بين خوري وعبود

حسين زياد منصور

أشعلت جلسة مجلس القضاء الأعلى التي دعا إليها وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري حرب بيانات وتصريحات بين رئيس المجلس ووزير العدل ونقابة المحامين وغيرهم من المتابعين للملف. وفي ضوء ذلك، لا يزال التعطيل سيد الموقف في تحقيقات انفجار المرفأ، فالحقيقة لا تزال مخفية، وأهالي الضحايا ينتظرون العدالة أسوة بأهالي الموقوفين لمعرفة مصير أبنائهم.

وموقف القاضي سهيل عبود بعدم حضوره الجلسة كان تعبيراً عن رفضه تدخل الوزير خوري في عمل القضاء، وذلك التزاماً بقسمه، وإيماناً منه باستقلالية عمل مجلس القضاء الأعلى، وبعدم تكريس ما يمسّ هذه الاستقلالية، بعد دعوة الوزير الى جلسة طارئة لتعيين قاضٍ رديف للمحقق العدلي طارق البيطار.

وبالتزامن مع عقد الجلسة كان تحرك لأهالي الضحايا أمام قصر العدل دعماً للقاضي عبود، مطالبين بإعادة ملف التحقيقات إلى القاضي البيطار.

وبعد انعقاد المجلس بنصاب مكتمل ٦ قضاة، ومن ضمنهم المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ناقش ملف التشكيلات القضائية وتعيين المحقق العدلي الرديف، عند ذلك انسحب القاضي عويدات من الجلسة ففقدت نصابها القانوني.

وفي السياق، أكد المحامي علي عباس عضو “المرصد الشعبي لمكافحة الفساد” والمدعي الشخصي في ملف انفجار المرفأ أن “التحرك كان ضد الجلسة التي تعتبر مخالفة للقانون، لأنها تشكل نوعاً من التدخل السياسي في القضاء، في الوقت الذي نطالب باستقلالية السلطة القضائية، ليستعمل وزير العدل مادة نقيضة تماماً لاستقلالية السلطة وتعتبر تدخلاً مباشراً في عمل القضاء وهو أمر مخالف لمبدأ فصل السلطات، خصوصاً أنه يفرض عليهم جلسة ويحدد جدول أعمال أمور تتعلق باختصاص مجلس القضاء الأعلى وليس ضمن اختصاصه، لذلك كان هناك رفض تام لهذه الجلسة”.

وقال: “تم التأكيد على الموقف الأساس المعتمد منذ البداية وهو أن تعيين قاضٍ رديف مخالف للقانون ويسمى هرطقة قانونية وليس حلاً، بل الحل يكون بتسيير محاكم الغرف وتشكيل الهيئة العليا لغرفة التمييز من خلال القضاة الأصيلين والمنتدبين والبت بالطلبات الموجودة بحق القاضي طارق البيطار وردها لتمكينه من استكمال عمله، والبت بطلبات اخلاء السبيل، فمن هو متورط سيبقى والبريء سيخرج”.

وعن تعيين قاضٍ رديف، أوضح “أننا سبق وأكدنا أنه مخالف للقانون لوجود نص قانوني واضح وصريح يدل على وجود محقق عدلي واحد محدد يعيّن بقرار من وزير العدل بعد استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى، وبالتالي لا يمكن تعيين آخر، فالنص نفسه يقول انه يمكن لمدعي عام التمييز أن يكون المدعي العام أو من ينيبه وبالتالي يفتح فرصة لوجود من ينيبه، اما بخصوص المحقق العدلي فلا مجال لوجود قاضٍ رديف وهذا لم يحصل سابقاً وليس من الممكن أن يحصل، فهو مخالفة فاضحة للقانون، وكبار رجال القانون والقضاة وجميع العاملين في هذا المجال أكدوا عدم قانونية هذا الأمر، الا أنهم مصرون على القيام بذلك لتنفيذ أهداف وغايات سياسية معينة”.

وأشار الى أن “هناك تدخلاً واضحاً من السياسيين في عمل القضاء ووزير العدل يلبي رغبة أحد الأطراف السياسية التي همها خصوصاً اخلاء سبيل أحد الموقوفين قبل نهاية العهد. وبدعة القاضي الرديف وجدت لا لتحقيق العدالة للضحايا بل لتحقيق أهدافهم في الملف وهي ارتكاب مخالفة كبيرة للقانون عن طريق تدخل وزير العدل بصورة مباشرة في العمل القضائي، والخاسر في ذلك هو القضاء والخاسر الأكبر هو استقلالية السلطة القضائية وثقة الناس بالقضاء عند رؤيتهم قضاة يمتثلون لمطالب السياسيين وأوامرهم متجاهلين القيم والقوانين، وسنشهد مطالبة بتطهير القضاء قبل استقلاليته، لأن من المستحيل أن يكون القضاة أدوات في يد السلطة السياسية لتلبية مطالبهم ورغباتهم وتأمين الحماية والمظلة لهم، وهو ما يضعف القضاء اللبناني”.

وشدد على “أننا ضد تدخل الوزير كلياً في عمل القضاء وفي الوقت نفسه نقول للرئيس سهيل عبود ان لديه حلاً يمكنه المضي فيه وهو استكمال الهيئة العليا للتمييز عن طريق القضاة الأصيلين والمناوبين والمنتدبين والبت بالطلبات، أي أن هناك حلاً موجوداً من دون الرجوع الى وزير العدل أو مجلس الوزراء أو أي أحد، ممنوع على وزير العدل التدخل انطلاقاً من مبدأ فصل السلطات”.

ولفت الى أن التحركات المقبلة ستكون يوم الثلاثاء القادم، بعدما تقرر تأجيل الجلسة الى هذا اليوم، مؤكداً أن “القاضي عبود سيبقى على موقفه، وبالتالي اذا اعتبروا أن الجلسة الماضية محاولة لاظهار أنهم قادرون على تأمين النصاب وأخذ قرارات واعطاء فرصة للقاضي عبود حتى (ما يكسرولوا هيبته وهيبة القضاء)، فالأهالي سيتحركون ويرفضون أي احتمال لتعيين قاضٍ رديف”.

أما وليم نون فاعتبر أن “الحل لن يكون بتعيين قاضٍ رديف، وموقف القاضي سهيل عبود هو الرد الأقوى على التدخل السياسي في عمل القضاء”، مشيراً الى أن “لجنة تقصي الحقائق الدولية تسلك الطريق السليم، وأطلق تطبيق منذ أيام بشأنها وبانتظار الرد من مكتب حقوق الانسان”.

شارك المقال