“ورقة الأولويات الرئاسيّة”: تغييب “الطائف” مجدداً!

رامي الريّس

الورقة التي أعلن عنها “التيّار الوطني الحر” تحت عنوان “ورقة الأولويات الرئاسيّة” لا ترد فيها كلمة “إتفاق الطائف” في أي صفحة من صفحاتها الخمس التي لا تعدو كونها إعادة تجميع لمواقف سياسيّة البعض منها ينطوي على شيء من النفاق السياسي لأن التيّار مارس عكسه طوال سنوات، والبعض الآخر هو بمثابة تسجيل مواقف شعبويّة ليس إلا لتسجيل النقاط من دون أي محتوى فعلي!

ليس تفصيلاً أن يواصل تيّار العهد التغاضي عن إتفاق الطائف وهو إتفاق ميثاقي مرجعي أنهى الحرب الأهليّة وأصبحت مواده في صلب الدستور اللبناني الناظم للحياة السياسيّة. لقد رفض العماد ميشال عون إتفاق الطائف سنة ١٩٨٩ عندما لم يفض الى انتخابه لرئاسة الجمهوريّة ومارس الترهيب يومذاك ضد بكركي والنواب المسيحيين ومنعهم من العودة إلى منازلهم في “المنطقة الشرقيّة” فاتخذوا من فندق “السمرلاند” في الجناح مقراً قسرياً لإقامتهم المؤقتة.

والمفارقة أن عون وتياره ومحازبيه تغاضوا تماماً عن رفضهم للاتفاق وتدميرهم البلاد في حربين عبثيتين (التحرير والإلغاء سنة ١٩٨٩ و١٩٩٠) عندما إنتخب للرئاسة الأولى سنة ٢٠١٦. لو توافر التوافق المحلي والعربي والدولي على إنتخابه سنة ١٩٨٩ لما كانت لديه أي مشكلة حقيقيّة مع الإتفاق.

وللمفارقة أيضاً أن ورقة مار مخايل عُقدت كذلك مع طرف سياسي آخر يتخطى بمشروعه العقائدي والسياسي ليس إتفاق الطائف فحسب، بل مجمل الصيغة اللبنانيّة بمختلف مكوناتها، وهو “حزب الله”. في العقل السياسي الباطني للفريقين، التوجس من الإتفاق هو سلوك مشترك ولو إختلفت الخلفيّات والأسباب والرؤى والمصالح.

من العناوين الأخرى التي تضمنتها الورقة: “الحفاظ على السيادة الوطنية وحماية الحدود والحقوق كاملة ووضع إستراتيجية دفاعية تكون الدولة المرجع الأساس فيها”. السؤال الأساس في الأيام الأخيرة من العهد: من الذي منع رئيس الجمهوريّة من الضغط في إتجاه إقرار إستراتيجيّة دفاعيّة؟ ألم يكن الرئيس المدافع الأول عن سلاح “حزب الله” في المحافل العربيّة والدوليّة وهو من أبرز أسباب دخول لبنان في عزلة عربيّة ودوليّة شبه تامة؟

الأوراق السياسيّة، مهما كانت عناوينها برّاقة، لا تغطي حقيقة السلوكيّات والممارسات السياسيّة، أقله في السنوات الست الأخيرة والتي توصف، بالحد الأدنى، أنها مريضة!

شارك المقال