هل الشغور في مصلحة المسيحيين؟

رامي الريّس

يحق لأي مواطن لبناني يتطلع الى وضع مسار التغيير السياسي على السكة أن يُصاب بخيبة أمل كبيرة جرّاء تطورات المشهد السياسي على مشارف إنقضاء المهلة الدستوريّة لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وهي المحطة التي كان يأمل أن تشكل فرصة عبور حقيقيّة نحو حقبة جديدة للتخلص من السلوكيّات المريضة للعهد الآيل إلى الأفول.

إذا كانت سياسة التعطيل قد إبتُدعت وتكرّست من قبل محور الممانعة و”التيار الوطني الحر” (الذي لا تشي أي من مواقفه بأنه يتمايز عن هذا المحور)، فالمستغرب أن تنزلق كتلة نواب التغيير لتتقاطع، عن قصد أو غير قصد، مع مساعي ذاك المحور لإدخال البلاد عمداً في نفق الشغور الرئاسي المديد الذي لن يكون من السهل الخروج منه بالنظر إلى حجم الإنقسامات السياسيّة العميقة.

واضح أن حالة الإرباك التي تعيشها أطراف محور الممانعة لناحية عدم قدرتها على بناء تفاهم بين قطبيها (تيار “المردة” و”الوطني الحر”) لمقاربة موحدة للاستحقاق الرئاسي يجعلها غير مستعجلة إطلاقاً على إنتخاب رئيس. وواضح أيضاً أن شعارات تحصيل حقوق المسيحيين التي لطالما إستخدمها العونيون في سياساتهم الشعبويّة لاستقطاب التأييد في الشارع المسيحي لا تعدو كونها مجرّد شعارات فارغة لا سيما عندما تتعارض مع مصالحهم المباشرة.

كيف يكون الامتناع عن إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة في المهلة الدستوريّة يصب في مصلحة المسيحيين وهو المنصب المسيحي الأول والأرفع في الجمهوريّة قاطبة؟ وكيف يكون الإقتراع بورقة بيضاء يصب في هذا الهدف أيضاً؟ أليست مفارقة مستغربة أن يخوض التيار كل أشكال المفاوضات لتوسيع حضوره وسطوته على الحكومة المنتظرة بدل أن يكرّس الجهد لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة؟

أما على مقلب كتلة التغيير، فلقد آن الأوان لتخرج من عقدة شعارات الشارع. المظاهرات والشوارع لها شعاراتها، والمؤسسات الدستوريّة لها سلوكياتها. وآن الأوان للخروج من حالات التعميم السياسي الأعمى التي لن تؤدي سوى إلى إسقاط الفرص الجديّة للتغيير التي تطمح إليها هذه الكتلة وسواها من الكتل أيضاً التي تسعى، على طريقتها، الى الحفاظ على ما تبقى من نظام ديموقراطي، مهما كان هشاً وضعيفاً.

إن مواصلة إهدار الفرص تفيد محور الممانعة حتى لو لم يعترف أولئك بذلك.

شارك المقال