الأسبوع الأخير لعهد عون… أهلاً بالفراغ

هدى علاء الدين

يدخل لبنان اليوم الأسبوع الأخير لعهد الرئيس ميشال عون بعد ست سنوات هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، وسط مخاوف من أن يشهد الأسبوع قرارات استفزازية وتصعيدية تُمهد لمرحلة قاسية من الفراغ الرئاسي المنتظر، على الرغم من مطالبات ومناشدات بعض الأقطاب السياسية المجتمع الدولي والدول الكبرى التدخل من أجل تجنيب لبنان فراغاً قد تطول مدّته ريثما تنضج التسوية المرتقبة، ولن يكون مستغرباً لا بالشكل ولا بالمضمون، خصوصاً وأن الشعب اللبناني يتعايش مع مفهوم الفراغ بأنواعه وأشكاله كافة منذ فترة طويلة، بعدما فشل الجميع في اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الأزمات المتعاقبة.

وفي هذا السياق، يستعد مجلس النواب لجلسة رابعة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما فشل في ذلك خلال ثلاث جلسات متتالية، لم ترتق إلى حجم المسؤولية الملقاة على عاتق نواب الأمة، بالتزامن مع حالة انسداد الأفق التي لا تزال تُخيم على تشكيل الحكومة العتيدة وشدّ الحبال المتصاعد بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل، الذي لا يزال يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية تُمكنه من التحكم بمفاتيح اللعبة الحكومية بعد انتهاء العهد الرئاسي العوني. وعليه، فإن التطورات الايجابية التي رافقت مساعي تشكيل الحكومة في الآونة الأخيرة اصطدمت بجدار التعقيد من جديد.

وبانتظار رسالة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين منتصف هذا الأسبوع حول نص الاتفاق النهائي بشأن ترسيم الحدود البحرية، وعلى وقع منحه وتقليده وسام الأرز الوطني، كلف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بمهمة الأسبوع الأخير والتي حملت عنوان متابعة ملف الترسيم البحري مع سوريا، في خطوة وصفتها مصادر “لبنان الكبير”، بالبروباغاندا الاعلامية في محاولة لتسطير بعض انجازات الأيام الأخيرة، مشيرة إلى أن كل هذه المساعي لن تزيل مآسي وويلات الأزمات التي حفل بها العهد على مدى السنوات الماضية.

إذاً، سيعود لبنان نهاية الشهر الجاري إلى مرحلة الفراغ من الباب العريض، وسيستيقظ اللبنانيون صباح الأول من تشرين الثاني من دون رئيس جديد للجمهورية، في مرحلة سيكون فيها المشهد السياسي رهن التطورات الاقليمية والدولية. وبحسب المصادر، فإن الساعات الـ 48 المقبلة ستكون حاسمة للعديد من الاستحقاقات أبرزها ملف تشكيل الحكومة الذي بات يخضع بصورة واضحة لتجاذبات شخصية وكيدية بعيدة كل البعد عن المصالح الوطنية.

وعن عدد الجلسات التي يحتاجها المجلس النيابي للنجاح في مهمته الانتخابية، أوضحت المصادر أن لبنان احتاج في العام 2016 إلى 46 جلسة لانتخاب عون رئيساً بسبب حدّة الانقسامات والنكايات السياسية حينها. أما اليوم، فيصعب تكّهن المرحلة الزمنية التي يحتاجها البرلمان في ظل غياب التوافق بين غالبية القوى السياسية لا سيما وأن التحالفات اليوم لا تمنح القدرة لأي فريق سياسي على إيصال مرشحه بالأصوات التي يملكها، علماً أن عقلية معظم الأفرقاء لا تزال كما هي ولم يغيرها هول الأزمات وانحلال مقومات الدولة لتنحاز إلى الوطن والمواطن أولاً عوض الاستشراس في الاستمرار بالدفاع عن مصالحها الضيقة.

وختمت المصادر بالقول: “إن ثقافة الفراغ الرئاسي التي ترسخت في لبنان منذ عقود تخضع اليوم لامتحان جديد، هو الأصعب والأقسى نظراً الى ترافقه مع فراغ حكومي وفوضى دستورية غير مسبوقة، كل ذلك يجعل الاستحقاق الرئاسي ورقة في مهب التسويات المعلبة التي لم تُجهز بعد ثوباً على قياس رئيسها الموعود”.

شارك المقال