الترسيم مع سوريا… صفعة للعهد في أيامه الأخيرة؟

هيام طوق
هيام طوق

زيارتان لافتتان في توقيتهما الى القصر الجمهوري أمس، الأولى للرئيس المكلف نجيب ميقاتي، والثانية للسفير السوري علي عبد الكريم علي. الزيارة الأولى جاءت بعد مفاوضات ووساطات لتشكيل الحكومة لم تنجح حتى الآن في خرق جدار التعطيل، وبدل أن تكون للاعلان عن الاتفاق حول الحكومة الجديدة، جاءت بروتوكولية، وداعية على مسافة أيام قليلة من انتهاء ولاية العهد أي لا لون ولا طعم لها على صعيد التأليف، وخير دليل ما قاله ميقاتي بعد لقاء دام 20 دقيقة: “نقلوا كل شي على الرابية ما في محل نام”، بعدما كان وعد سابقاً بأنه سينام في القصر حتى التشكيل. أما الزيارة الثانية التي اتخذت طابعاً وداعياً، لكنها أتت قبل ساعات من موعد الاجتماع الذي كان مقرراً للوفد اللبناني برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب مع الجهات السورية المعنية، والذي ألغاه الجانب السوري في اللحظات الأخيرة مع العلم أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان أجرى اتصالاً بنظيره بشار الأسد، وبحث معه في ملف الترسيم البحري. وفيما أشارت معلومات الى أن الزيارة ألغيت بسبب الارتباطات السورية المسبقة وأن الجانب السوري طلب تحديد موعد آخر غير الذي كان مقرراً اليوم الأربعاء، أفادت مصادر ديبلوماسية أن الحكومة السورية بعثت برسالة إلى وزارة الخارجية اللبنانية تقول فيها إن الوقت غير مناسب لمثل هذه الزيارة من دون تحديد موعدٍ آخر. أما السفير السوري، فلفت الى أن “هناك لبساً حول تشكيل وفد لبناني إلى سوريا، والموعد لم يلغَ بل يُتفق عليه لاحقاً بسبب ارتباطات سابقة في سوريا”.

واعتبر بعض المحللين أن العهد تلقى صفعتين في أيامه الأخيرة: الأولى بعدم التشكيل الحكومي لأن فريقه السياسي لن يتمكن من الحصول على حصة الأسد التي تجعله يتحكم باللعبة السياسية في مرحلة الشغور، لكن لا يمكن نعي التشكيل اليوم لأن الوساطات لا تزال قائمة وإن بوتيرة أقل من السابق خصوصاً أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أكد أن العمل سيستمر حتى اللحظة الأخيرة للتأليف. أما الصفعة الثانية فتتجلى بعدم الموافقة على البحث في النزاع الحدودي البحري بين لبنان وسوريا في ظل احتفاء العهد بتوقيع اتفاق الترسيم مع اسرائيل “العدوة” التي اعترفت بلبنان الدولة فيما الدولة “الشقيقة”، ترفض الترسيم معه.

وفي هذا الاطار، رأى الوزير السابق ريشار قيومجيان أن “الرئيس عون كان يجب أن يقوم بهذه الخطوة منذ 6 سنوات وليس في الأيام الستة الأخيرة، فقد تأخر كثيراً”، مشيراً الى أن “الموقف السوري أتى كصفعة للعهد بعد كل ما قام به في المؤتمرات الدولية ودفاعه عن النظام السوري من خلال وزير الخارجية جبران باسيل حينها، لم يمرر الاجتماع حتى شكلياً على الرغم من أن نتيجته محسومة سلفاً. هذا يعكس نوايا النظام السوري الذي لا ينظر الى لبنان ككيان نهائي انما كمحافظة سورية، ويؤكد أنه لا يريد الترسيم ولا مراقبة المعابر بين البلدين”.

وأكد أن “هذا الرد يجب أن يكون درساً للحلفاء بأن مثل هذه الأنظمة تتعاطى بهذه الطريقة حتى مع حلفائها لأنها تضع مصالحهما فوق كل اعتبار تحالفي. العبرة مما حصل أن ليس لدى سوريا أصدقاء أو حلفاء بل منتفعون كي لا نقول عملاء”، معتبراً أنها “اهانة واساءة الى موقع رئاسة الجمهورية وكرامتها بغض النظر عن ساكن القصر، كما أنه استهتار بالمصالح اللبنانية لأن لبنان لا يمكنه التنقيب عن النفط في البلوكات الشمالية قبل الترسيم مع سوريا”.

أما النائب السابق محمد الحجار فلفت الى أن “الطريقة التي يقارب بها رئيس الجمهورية ملفاً حيوياً وأساسياً مثل ملف الترسيم لا يمكن وضعها إلا في خانة انتهاز الفرص بحيث أنه بعد 6 سنوات في الحكم، تذكر في الأسبوع الأخير من ولايته أنه يجب انهاء ملف الترسيم مع سوريا، مع العلم أن هذا الملف مطروح منذ سنة 2006 الا أن حلفاء رئيس الجمهورية حينها وضعوا عوائق لعدم الوصول الى النتائج المرجوة “، واصفاً مقاربة الرئيس عون لملف الترسيم بأنها “فولكلورية لتبييض مسيرته الرئاسية، مسيرة العهد التي أوصلت البلد الى الخراب”.

وأشار الى أن “كل طرف يحاول تفسير الموضوع بما يتناسب مع أهوائه السياسية، لكن من دون الدخول في التفاصيل، فإن المقاربة من أساسها غير مقبولة وغير منطقية، هي مسرحية، بدايتها سيئة، إخراجها سيء، ونهايتها دراماتيكية أسوأ”.

وشدد على أن “الطريقة التي تعاطى فيها رئيس الجمهورية مع ملف الترسيم فيها اهانة لعقول اللبنانيين لأن الجميع يعلم أن ملفاً كهذا لا يمكن طرحه جدياً خلال 5 أيام قبل انتهاء العهد. أما الحجة لعدم الترسيم سابقاً مع الدولة الشقيقة بأنهم كانوا ينتظرون انتهاء الترسيم مع العدو الاسرائيلي، فهي غير منطقية وغير واقعية و (حجة ما بتقلي عجة)”.

أما على صعيد زيارة الرئيس ميقاتي الى القصر الجمهوري، وامكان تشكيل حكومة، فقال الحجار: “لا حكومة جديدة في ظل العهد الحالي طالما هناك وصي على رئاسة الجمهورية وعلى بعبدا اسمه جبران باسيل، والكل بات على علم بأن ما يمنع تشكيل الحكومة، هو الطلبات المتكررة والمتجددة والمتناقضة للنائب باسيل الذي يريد حكومة يتمكن من خلالها في حال الشغور من أن يتحكم بالقرار في لبنان، وربما هناك (قبة باط) في هذا الخصوص من حزب الله الذي لا يزال متمسكاً به، ويعتبره حليفاً مسيحياً يجب الحفاظ عليه”.

فيما أشار النائب السابق شامل روكز الى أن “هناك الكثير من الأمور التي يجب التحضير لها قبل القيام بخطوة الترسيم إن كان على الصعيد البروتوكولي أو الدستوري أو اللوجيستي، كما أن الوقت أصبح ضاغطاً جداً في الأيام الأخيرة من العهد. هناك علامات استفهام حول نقاط كثيرة متعلقة بالموضوع”، معتبراً أن “الترسيم يحتاج الى التروي والدرس بطريقة تقنية وعلمية وبدقة تامة. كان يجب أن يطرح الموضوع منذ سنوات وليس اليوم خصوصاً أن هناك علاقات مع سوريا”.

شارك المقال