مسيحيو لبنان لعون: صلبتنا بعدما كنّا نحمل صليب الشرق!

زياد سامي عيتاني

مع بلوغ نهاية ولاية العهد الجهنمي على مشارف أيام معدودات، يتحضّر سيده ميشال عون للاحتفال العظيم بإنهيار الوطن (!) الذي قارب على الزوال، فيما بقايا العونية وأيتام الباسيلية المحتضرون، يعدون العدة لاستقباله إستقبال الفاتحين في سكنه الجديد (وصفه أحدهم بأنّه “قطعة من الجنة على الأرض”) الذي سينعم من خلاله بالتمتّع مزهواً منتشياً بنجاحه البارع في تحويل لبنان إلى جهنم التي وعد بها.

هذا ليس مستغرباً، فالجنون المتنامي اللامحدود، يملأ الرؤوس العونية – الباسيلية الفارغة، التي تتمتّع بأكبر ثقافة رسوبية متخلفة، إعتادت بكلّ وقاحة وفجور تحويل كلّ هزيمة سياسية وعسكرية إلى نصر مبين، ولو على أنقاض الوطن الذي بفضل عهدهم إقترب من الزوال، لأن المفلسين سياسياً يصنعون من الهزيمة إنتصاراً.

فالمأساة اللبنانية بالبلاء العوني – الباسيلي، تكمن في “الأنا” السرطانية الخبيثة المتورمة، التي ترى أن كوكب الأرض لا يتسع لوجودها. كيف لا؟ والحالة العونية – الباسيلية النرجسية المرضية، تقليد للنازية بإضافة المزيد من الغباء والحماقة واللاأخلاقية.

وهذا ما جعل الهوس والهلوسات العونية – الباسيلية تتحوّل من حروب الالغاء إلى حروب البقاء والاستئثار الحصري بالتمثيل المسيحي (الذي هو براء منهم)، وذلك بهدف الإصرار على توريث الرئاسة لصهر العهد المدلّل، حاصراً و”مقزماً” التمثيل وحصر حقوقهم، بما يحقّقه لنفسه من مصالح ومنافع وصفقات.

وهنا، يسأل كلّ مسيحي مؤمن بلبنان وطناً نهائياً لكلّ أبنائه، على قاعدة الشراكة والميثاقية الوطنية بكلّ مكوّناتها: “عندما يتخلى البطريرك الراعي والمطران عودة عن رئيس الجمهورية؛ عن أيّ حقوق للمسيحيين يتحدث العهد القوي؟”، خصوصاً وأن الجحود العوني – الباسيلي البائس، بلغ حد تقبيح بكركي والفاتيكان وتكفيرهما في أكثر من محطة سياسية – سيادية، بإسفاف الفاقد لأدنى آداب المخاطبة السياسية.

كذلك، فإن المسيحيين واللبنانيين السياديين عموماً، لن ولم ينسوا، على الرغم من مضي السنين، يوم ارتضى أن يكون جندياً في الجيش الذي شنّ عليه “حرب التحرير” المزعومة، والذي دفعه الى الهروب زاحفاً مهرولاً، متخلياً عن شرفه العسكري (إن كان يتمتّع به) وعن البطولات الوهمية التي وعد بها “شعب لبنان العظيم”، تاركاً جيشه ولبنان في مهب العاصفة.

حتّى أنّه حوّل هزيمته العسكرية في 13 تشرين الأول عام 1990 إلى ذكرى تأسيسية لتيّاره كما لو كانت إنتصاراً (!) فالهزيمة في قاموس التيّار ليست هزيمة، بل مؤامرة كونية وخيانة داخلية.

وهل ينسى المسيحيون أنّه ومنذ “إتفاق مار مخايل” مروراً بـ”إتفاق معراب”، وصولاً إلى “التسوية الرئاسية الكارثية”، أن العهد القوي حوّل المسيحيين إلى متبعين سياسيين، بعدما أضاع الدور التاريخي لهم، الضامن لميزة لبنان ومبرر نشأته، وجعل من مقام الرئاسة الأولى، بفعل تعنته وقصر نظره وفقدانه للحكمة والتعقل، مقتصراً على ترؤس إجتماعات وزارية غير دستورية، ومجرد موقّع للمراسيم، ومانح للأوسمة؟

سلوكيات فريق “العهد القوي” وممارساته دفعت بالمكوّن المسيحي الضامن للشراكة والوحدة الوطنية إلى دفع أثمان غبائه السياسي المستفحل وحقده العنصري والفئوي المستشري، وإلى جعله يفقد الثقة بلبنان الحضارة والتنوّع والتعايش، مما جعل البعض يطالب بالفيدرالية والحماية الدولية، بعدما كان أساس الكيان وثباته وميثاقيّته، وذلك حفاظاً على وجوده الذي بات مهدّداً بفعل الخيارات الانتحارية التي سلكها عون، وشعوره بالخطر الداهم، وخشيته من المزيد من الهجرة والتغرب (!) وهذا سيؤدي إلى تفريغ لبنان من معناه ومن رسالته النموذجية في المنطقة ومن جزء من شعبه، مع إزدياد القلق عليه، في زمن إعادة رسم الخارطة الجيو- سياسية للمنطقة، وازدياد الكلام عن مؤتمر تأسيسي أو عقد اجتماعيّ جديد للبنان، لنسف النظام والتوازنات الداخلية على أنقاض إتفاق الطائف الذي كرّس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

ومع اقتراب العهد الأسود من إنتهاء ولايته المشؤومة، لسان حال كلّ مسيحي: “يا يهوذا الاسخريوطي في الزمن الحديث، المسيحية رسالة تبشيرية… والحالة العونية – الباسيلية مشروع تهجيري تخريبي (!) ونحن من حمل صليب الشرق، وأنت من صلبتنا وصلبت لبنان”.

شارك المقال