جهنم… حتى لو ختامها مسك

لينا دوغان
لينا دوغان

يعتبر إنجاز ملف الترسيم واحداً من الأهداف الأساسية التي كانت تسعى الولايات المتحدة الى تحقيقها في الشرق الأوسط خصوصاً في الحرب الأوكرانية – الروسية، واستطاعت الضغط على إسرائيل واقناعها على الرغم من أن الأخيرة تستعد لانتخاباتها، فربحت في ملف أطرافه من الجهة اللبنانية كلهم حاضرون، إن كان “حزب الله” الجاهز خلف الدولة وإن استعرض بسلاحه، والدولة المتمثلة بالعهد الذي تلطى خلف هذا الانجاز لخروج مشرّف من القصر بعد الاخفاقات الكثيرة والكبيرة التي أوصلتنا عهداً ووعداً الى جهنم…

يخرج “حزب الله” أمام الخارج متساهلاً مع الأميركيين ويعطيهم من كل اللسان حلاوةً، وأمام الداخل متعاملاً كمنقذٍ مع الوضع المأزوم الذي دخل فيه أيضاً. أما العهد فيخرج أمام الخارج بصورة المتفاوض الحريص على ثروات بلاده وفي الوقت نفسه الحريص على تنظيف صورته، وأمام الداخل يحمل بوجهنا هذا الانجاز لينسينا نكساته وخيباته على مدى ست سنوات.

في جولة سريعة على العهد الذي وعدنا بأنه سيكون قوياً و”بي الكل”، فجأةً وبلسانه أصبحنا على طريق جهنم، وفعلاً لم يكمل سوى بالانهيارات إن في السياسة حيث قاطعتنا كل دول الخليج، وفي الاقتصاد ونحن نمر في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الاستقلال لتنهار الليرة ويصل سعر صرف الدولار الى حدود الأربعين ألفاً، ونفاد المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي على الرغم من الوعود، وانهيار مؤسسات الدولة وأهمها القضاء، وأخيراً وليس آخراً انفجار ٤ آب الزلزال الذي لم يبقِ ولم يذر سوى قلة الضمير في عدم معرفة الحقيقة ومتابعة التحقيق، ناهيك عن الفساد والهدر وارتفاع معدلات الجريمة والانتحار .

كل هذا ويراهنون على أن الترسيم كفيل بأن يمحي الذنوب حتى لو كانت كما ذكرناها مثل زبد البحر .

لا الترسيم عصا سحرية، ولا ما عاشه اللبنانيون على مدى ست سنوات وما زالوا ينسيهم مرارة القهر والعذاب والمعاناة.

لكن ماذا عن الذنوب اللاحقة؟

في تصريح لجبران باسيل: “‏لا يمكن أن نقبل بحكومة فاقدة للدستورية والميثاقية والشرعية، وأنا أدعو جميع الحريصين على الدستور من كل الجهات الى عدم القبول بهذا الواقع لأنني أعرف أنهم متفاهمون عليه ويريدون تكريسه بحكم الأمر الواقع وهم يتحضرون بعد ٣١ تشرين لبيع ما تبقى من صلاحيات لنجيب ميقاتي ونبيه بري”.

من هنا وبعد هذا الكلام أخذ القرار بعدم مشاركة وزراء العهد في جلسات الحكومة وأيضاً ساندهم “حزب الله”.

ويدور في الكواليس حديث عن توجه الرئيس ميشال عون إلى توقيع استقالة الحكومة ولا نعرف ما إذا كان يخطط لأمر آخر!.

حتى لو وقع الرئيس على الاستقالة فالحكومة انتقالية لكنها شرعية بحكم القانون وتنتقل إليها صلاحيات الرئيس، لكن ما هم طالما البلاد تُركت ست سنوات وأنجزنا الترسيم؟ ما هم والعباد يعيشون الذل والهوان وأنجزنا الترسيم؟ ما هم إن كان بدل الفراغ فراغين وليطولا فقد أنجزنا الترسيم؟

يا حسرةً على عبادٍ ظنوا أن ختامها مسك وعنبر وهي لا زالت جهنم، طالما أن هناك حكاماً يبيعون ويشترون فيهم بأبخس الأثمان.

شارك المقال