إيران: هل من بدائل للثيوقراطية الدينية؟

حسناء بو حرفوش

هل تحولت الثورة الايرانية التي تحتل العناوين منذ أكثر من شهر الى ثورة حقيقية؟ وفقاً لقراءة في موقع “لو دوفوار” (Le Devoir) الالكتروني الفرنسي، الإجابة هي “لا بالتأكيد ولكن المعطيات تشير الى أن كل ما يحصل يضع أسس تغيير محتمل للنظام حيث لم يعد العنف والقمع يفلحان في تهدئة الاستياء العام. ومع ذلك، يطرح سؤال آخر: “ما هي البدائل الممكنة للديكتاتورية الدينية؟”.

“في الوقت الحالي، حسب ما يقول محللون، لا يبدو أن الحركة الشعبية أنتجت شخصية قيادية قادرة على زعزعة استقرار الجمهورية الاسلامية منذ وفاة الشابة مهسا أميني، وذلك على الرغم من انضمام الأطباء إلى الحركة الاحتجاجية واستمرار التمرد. وفي هذا السياق، يشير أستاذ السياسة المقارنة والعلاقات الدولية في الكلية العسكرية الملكية الكندية والخبير في الشؤون الايرانية، هوتشانغ حسن ياري إلى ميزة لعدم ظهور شخصية كهذه، إذ أن النظام سيقضي على حد قوله، على أي مرشح على الفور. ويجمع أولئك الذين يناضلون من أجل الإطاحة بالجمهورية الاسلامية، داخل البلاد وخارجها، على ضرورة ظهور نظام علماني وديموقراطي.

ولكن من أجل العثور على بديل موثوق للثيوقراطية القائمة، يجب النظر إلى الخارج، وتحديداً إلى الولايات المتحدة، حيث يقيم الابن الأكبر للشاه الأخير لإيران، اذ ستؤيد الأغلبية الحالية في الشوارع الإيرانية ظهور ملكية دستورية، برئاسة رضا بهلوي، وريث العرش الإمبراطوري لإيران والمنفي منذ العام 1979. ويعتقد حسن ياري، بأن رضا بهلوي “يتمتع بالقدر الأكبر من السلطة الأخلاقية والشرعية. ومع ذلك اتهمت الإمبراطورية في إيران أيضاً بارتكاب انتهاكات وممارسة التعذيب لإسكات المعارضة السياسية. وفي حالة الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، يقترح رضا بهلوي إجراء استفتاء ليتمكن الإيرانيون من اختيار الشكل الذي ستتخذه حكومة “ديموقراطية وعلمانية” جديدة تحترم حقوق الايرانيين وحرياتهم.

وإلى جانب هذا الفصيل الإمبراطوري، هناك قوة أخرى هي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، المنفي في باريس، برئاسة مريم رجوي. تشكل هذا التحالف “للقوى السياسية الديموقراطية ضد نظام الملالي” في العام 1981، ويتألف من 500 عضو و”يعمل كبرلمان في المنفى”، حسب أفشين علوي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

وقدمت المنظمة خطة من 10 نقاط لـ “إيران الغد”. وستشكل حرية التعبير والصحافة والمساواة بين المرأة والرجل وفصل الدين عن الدولة نواة هذا النظام الجديد، الذي سيعترف بالحكم الذاتي لكردستان الإيرانية. ويعتمد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية داخل ايران على شبكة تضاعفت وحداتها خمس مرات في عام واحد.

ولم يعتقد أحد أن الاحتجاجات ستستمر أكثر من شهر، لكنها مستمرة مع ذلك […] يجب أن تكون المرأة قادرة على اختيار ما إذا كانت سترتدي الحجاب أم لا. وفي مقطع فيديو للموقع الالكتروني، قال شاب يدعى علي من كازرون، التي تقع جنوب غرب البلاد، إنه يرى الخوف في أعين أقاربه وتحديداً في عيني والدته، في كل مرة يشارك فيها في مظاهرة.

ومع ذلك، وفقاً للبروفسور حسن ياري، على الرغم من تنظيم المجلس الوطني للمقاومة والذي يجمع الدعم في الخارج، لن يحظى بشعبية كبيرة في شوارع إيران، حيث لا يزال العديد من الإيرانيين يجدون صعوبة في مسامحة المجاهدين، الذين أدرجوا سابقاً كمنظمات إرهابية في الولايات المتحدة وأوروبا، لوقوفهم إلى جانب العراق في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات.

ولكن بغض النظر عما إذا كان المتظاهرون يؤيدون عودة النظام الملكي أو ظهور جمهورية، يتفق التياران على أن نظام الملالي سوف يسقط عاجلاً أم آجلاً. يشير أفشين علوي إلى أنه “لا توجد دكتاتورية أبدية. ولقد تغير الوضع والناس ما عادوا خائفين من قمع النظام”. وقد تشكل وفاة مهسا أميني الشرارة التي ستشعل فتيل النظام. ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الأخير سيطلق العنان لقواته بمزيد من العنف، بعد موجة أودت بالفعل بحياة أكثر من 200 شخص داخل حركة التمرد هذه التي لا يبدو أنها ستهمد قريباً”.

شارك المقال